ذهبت قبل أذان العشاء إلى الجمعيه وفوجئت بخلو مواقف السيارات .ركنت السيارة قرب البوابة وتوجهت نحوها.وحينما إقتربت منها منعني أحد رجال الأمن من الدخول قائلا :الجمعية مغلقه.تعجبت من كلامه فأنا أعرف أن الجمعية تغلق لمدة ربع ساعة بعد أذان المغرب وقد تجاوز الوقت ذلك.إستفسرت منه عن سبب الإغلاق فقال إنه بناءا على أمر المدير العام.
هاتفت المدير ,الذي أعرفه, فأخبرني بسبب الإغلاق .ضحكت على السبب الذي لايمكن تصديقه فطلب مني أن يتحدث إلى رجل الأمن .تحدث قليلا ثم ناولني هاتفي ورافقني إلى داخل الجمعية. قال المدير سمح لك بالدخول.سألته” متى وصلوا ؟” قال:”مع أذان المغرب”.إستغربت نبرة الثقة في إجابته الغريبة وفي كلام مديره.
قال المدير:”هناك مجموعة من الصوماليين عددهم حوالي مائة شخص خرجوا من قريتهم نحو العاصمة مقديشو وضلوا الطريق ووصلوا جمعيتنا قبل قليل فطلبت من رجال الأمن السماح لهم بالدخول وإغلاق الجمعية عليهم حتى يشبعوا”
رافقني رجل الأمن إلى الداخل ثم تركني وغادرها.سمعت ضوضاء عند ثلاجة الألبان والمشروبات.توجهت نحو مصدر الضوضاء فإذا بمجموعة من الرجال والنساء والأطفال,بملابس بالية,يتناولون بسرور بالغ مشروبات متنوعة.كانت بعض النسوة يسقين أطفال لم تتجاوز أعمارهم السادسه الحليب .كان بعض الأطفال يتمنع,ربما لشبعهم أو رغبة بتناول طعام آخر,ولكن النساء كن يسقينهم قسرا.
ذهبت نحو ركن الشوكولاته والسكاكر فرأيت مجموعة من الفتيات والصبية,بذات الملابس ونحافة ملحوظة, يتناولون ألواح الشيكولاته بنهم شديد .كان كل منهم يذيق اللأخر مالديه.كانوا في سعادة غامرة أحاطت بهم كطيف يترآى لك.
كان ركن الأواني المنزلية ,والممرات التي توجد بها الأرفف التي تحتوي على السلع الإستهلاكية كالمنظفات والمناديل الورقية,وكذلك أماكن الأرز والحبوب والشاي والمعلبات,تخلوا من هؤلاء الضيوف.
توجهت نحو ركن الخبز والمعجنات فرأيت رجالا يأكلون بشهية مفتوحة ولذة واضحة الخبز.رأيت بعض النسوة يأتون لهم حاملات علب جبن,وبدأن بوضع الجبن على الخبز وتوزيعه عليهم.
كان ركن الخضار والفواكه في صخب شديد.كانت العديد من الفواكه غريبة بالنسبة لهم فكانوا يجربونها.كان أحدهم مرحا.تناول حبة كرز ودسها في فمه.لوى وجهه وقطبه وأغمض عينيه كأن طعمها سيء وحينما لاحظ إمتعاض أصحابه ضحك وأخذ عدة حبات دسها في فمه دفعة واحدة فبدأ أصحابه بضربه على مقلبه وهم يضحكون.
في الركن المخصص لطعام وحليب الأطفال كانت هناك حركة لا تهدأ.نساء جالسات على الأرض يرضع بعضهن أطفالا ,وأخريات يخلطن مساحيق الطعام بالماء ويدسّونه بأيديهن في فم بعض الأطفال.كانت هناك فتاة يبدو أنها تجيد القراءة تحوم حولها بعض النسوة حاملات علب الحليب والأغذية وهي تفسر لكل منهن طريقة إستخدامه.كان يحوم حول النساء بعض الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم السنوات الثلاث يمسك كل منهم ب”بسكوته” يقضمها بين فينة وأخرى.
كان الجميع في غفلة عني.كانت سعادتهم بالغذاء والشراب تحجبهم عن ماحولهم.لاحظت رجل مسن ينظر إلي وهو يرتشف من قاروره عصير بلاستيكية.توجهت نحوه فحياني بحرارة وضمني إليه بشدة.
قال:”أنت من أهل هذه الجنة”
أجبت “بل أنا من أهل هذا البلد”
قال:”أعلم إننا محظوظون فلا نزال أحياء في هذه الدنيا ولم نموت كما هلك جوعا آلاف من شعبنا ولكن بلدكم جنة ويكفي سوقكم هذا ففيه سلع لم نراها من قبل ,ولم نسمع بها, بل ولم يخطر في بالنا وجودها في الدنيا.فهنيئا لكم بلدكم”
قلت:الحمدلله فنحن في خير غامر,رغم السلبيات,وأدعو الله أن نحمده على هذه النعمة ونحن ننعم بها لا أن نقدرها بعد أن نفقدها.
خرجت من الجمعية فإذا المواقف مليئة بالسيارات,والناس تخرج من البوابة الأخري يتبعهم عمال يدفعون عربات مليئة بالأكياس.لم أصدق عينيّ فعدت مرة أخرى إلى الداخل.فوجئت برجل بملابس رياضية ينهر موظف الجمعية “شالسالفه كل الحليب بتاريخ أمس” . تبعته إمرأة مواصلة النقد والتذمر “شنو هالجمعيه ما فيها بريوش” .
وقفت في منتصف الجمعية وصرخت”يا ناس حرام عليكم.حمدوا ربكم ترى النعمة زوّاله”
اي والله حمدو ربكم ترى النعمة زواله
احنا احسن شعب يتذمر ويتحلطم..ربي يصلحنا
واتكلم عن نفسي بعد مو عن الناس بس…
الله يصلحنا وانقدر اللي بين ايدنا بسعى..ماننطر الضيجه عشان انتعلم
مودتي
ياريت بس تحلطم وتذمر
المشكله إنهم ما يحسون بالنعمه ولا يقدرونها
اللهم آمين يصلحنا جميعا ويعينا على حمده وشكره
حياج الله دكتوره أسعدني مروركم ومشاركتكم
أول ما قرأت البوست صدقت و أستغربت كثير ولكن قبل أن أكمل الربع الأول فهمت ما تود قوله لنا وفهمت المغزى .. وكنت فى الأمس قد كتبت مقال قريب المعنى من مقالك هذا .. ليس مطلوب مننا فقط يا أخى تحلطم أن نشكر الله على هذه النعمة اللتى نعيش فيها فهذا فرض علينا ” و إن شكرتم لأزيدنكم ” مطلوب مننا شكر الله ليل نهار . ولكن مطلوب مننا أكثر من ذلك .. مطلوب مننا أن نتنازل عن ربع وجباتنا الغذائية اللتى نستهلكها كل يوم و نرمى نصفها مطلوب مننا أن نغلفها بعناية و نضعها داخل كرتون صغير و نكتب عليها ” هدية من الشعب العربى المسلم كذا الى الشعب العربى المسلم كذا ..ونقول لهم نحن معكم و نشعر بكم و نشارككم مسأتكم و ندعو الله الكريم أن ينهى مأساتكم .. يا أخى نحن نعيش فى ترف و بدخ كبير و آخرون من أخوتنا فى العروبة و الإسلام يفتشون القمامه بحثاً عن لقمة ممكن أن تنقذ أطفالهم ..
احييك على مقالك الرائع الهادف كعادتك دائماً
نعم المفروض نشعر بإخواننا المسلمين وأن نشاركهم بالنعمة التي ننعم بها
ومع الأسف هناك من لا يشعر بالنعمة التي يعيشها ولا يرى في حياته ترف
ولا يدرك أن مأكله وملبسه ومعيشته بذخ في بذخ
بل ولا يقارن معيشته بحياة المحرومين ويقارنها بمن لديه أكثر منه
شكرا لمرورك ومشاركتك أخوي قوس وحياك الله دائما
مبدع ياخوي
تسلم إيدك
والله الكثيرمن هالناس اللي عندنا ما تحمد النعمة , الحمد لله حمدا كثيرا
الله يسلمك يالزميل الخوش
عسى الله يجعلنا جميعا ممن يحمده على النعمه
حياك الله أخوي بنادول أسعدني مروركم
عجيب أنت .. جد …
الله يرحم حالهم …و يبدلهم حالا أفضل من حالهم …
و يديم علينا نعمته … و يغنينا أكثر , أكثر … اللهم إنا اسرفنا على نفوسنا و مالنا سواك .. رحمتك ربي و الفردوس الأعلى …
جزاك الله خير أخوي … بوست ولا أروع باسلوبه و فحواه ..
عساك على القوة ….
اللهم آمين يرحمنا ويديم علينا نعمته سبحانه ويجعلنا من الشاكرين
جزاج الله مثله
والله يقويج
حياج الله أختي أسعدني مروركم ومشاركتكم
من اجمل المقالات التي قراتها وتعبر عن واقع مرير نعيشه وفي زمن لا تحمد الناس النعمه وتشكر الله
وختاما المقال يبين افق بعيد جدا للكاتب وخلاصه خبره كبيره
بس يبه منو يقدر
وتحياتي لك
إبتسامة واسعة تركها تعليقكم على محياي
شكرا يالمقهور على كلماتك الطيبه وإطراءك الكبير والمشجع
لك مني أخلص التحيات
من أكثر المقالات التي أثرت فيني
وشعرت بقطرات ماء على جفني
مقال عظيم من لوحة مفاتيح ترقص عليها أنامل عظيمة
لنخرج من الجمعية قليلا ونبتعد للأحياء السكنية .. حاويات القمامة تزن أطنان ..
على هذه الكرة الأرضية بشر يموتون لأنهم يفقدون ما امتلأت به حاويات بيوتنا..
في حين نحن مشغولون بالتذمر على ما ينقص سفرة الإفطار بعد يوم طويل كنا فيه صيام ..هم يصومون.. فطورهم صوم وسحورهم كذلك وكذلك هم ..حتى يموتون!
والله لا أدري ماذا أقول!! .. ولكن أجدتم هذا المقال فشكرا وتحية
بداية, شكرا لمروركم الكريم وكلماتكم العذبة
وما حركني عند كتابة المقال شعور مشابه لشعوركم
فنحن في نعمة كبيرة ومع الأسف كثيرون لا يشعرون بهذه النعمة ناهيك عن حمد الله سبحانه على كرمه
عسى الله أن يفرج عنهم وأن يجعلنا من الشاكرين
حياكم الله أسعدني كثيرا مروركم ومشاركتكم
على فكره حينما قرأت “حاويات القمامة” تذكرت بوست كتبته حولها وأتمنى أن أرى رأيكم فيه
https://t7l6m.com/2011/07/17/%D8%B4%D9%8A%D8%A1-%D9%85%D9%86-%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%86%D8%A7/
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ..
عسى ماشر أخوي 5 أيام بدون تحلطم ..
عسى المانع خير ..
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
والله إني عاجز عن الشكر لسؤالكم
الحمدلله ماكو الا العافيه بس المخ شوي مقفّل
صراحه في بالي أكثر من موضوع لكن المزاج مو مزاج كتابه
وأحس الكلمات ما تطلع براحه
لكن بإذن الله بتشوفون شي هاليومين
حياج الله أختي الجودي
ومشكوره على السؤال