T7l6m

لاحظ الأب إنهماك طفلهُ بالعناية ببقعة في ركن قصيّ من حديقة المنزل.لاحظ تكرار زيارة الطفل لتلك البقعة وإسباغ المياه عليها.في جلسة جمعتهما مع الأم إستفسر الأب من صغيره عن سر إهتمامه بالحديقة.أجاب الطفل بأنه قد وضع بذرة و ينتظر خروجها شجرة مثمرة.لم يخفي الأب إعجابه وسأله:ماذا زرعت يابني؟.تردد الطفل كثيرا بالإجابة متخوفا من ردة فعل والده.حاول الطفل المراوغة بإجابته إلا أن إلحاح والده وفضول والدته أجبراه على الإجابة.
زارع “كت كات Kit Kat”.
ما أن أتم الطفل عبارته حتى إنفجر الأب بنوبة ضحك كاد يسقط على إثرها من مقعده.توقف الأب عن الضحك سريعا ,وإن لم تزول آثاره عن وجهه.إلتفت الطفل نحو أمه فبادرته بإبتسامة تنضح حبا وحنانا.وما أن شرع الأب يشرح لإبنه أن الواح الشوكولاته تُصنع ,وقبل أن يكمل حديثه قاطعته الأم قائلة لإبنها :إحرص على سقي نبتتك وإن شئت غني لها.سُر الأبن سرورا جما بكلمات والدته فأنسته اليأس الفوري الذي أصابه به ضحك والده.لم يلاحظ الأبن أن والدته قطّبت جبينها حينما ضحك والده,وهو ما أوقفه عن الضحك.
في المساء وضعت الأم وحيدها في سريره وأحكمت الغطاء حوله.كم يوم يلزم البذرة لتصبح شجرة؟سأل الطفل.يعتمد على إيمان صاحب البذرة.وما الإيمان ياأمي؟.الإيمان يا بني هو مجموع الثقة والإقتناع والتسليم بقدرة الله سبحانه,ولما لم تسعفها الكلمات للإجابة قالت”أن تكون واثقا بأن ماتريده سيتحقق وأن تبذل الجهد المطلوب لتحويل حلمك إلى حقيقة”.
قبلته بعد تلك العبارة فجلس وضمها ببراءة وحب شديدين.بات الصغير ليلته يفكر بالشجرة وبكلام والدته وساقه خياله نحو مواقف يكون فيها أسفل شجرته المثمرة يقطف ألواح الكيت كات ويوزعها على أصدقاءه.إستيقظ الطفل صباحا وخرج نحو الحديقة مسرعا فيما كان والديه جالسان إلى مائدة الإفطار.مالبث أن عاد الولد وجذب يد والدته في نشوة عارمة وحماس بالغ:”ماما تعالي الحديقه”,إلتفت نحو والده وطلب منه مرافقتهما.
خرج الجميع متجهين نحو الحديقة.سبقهم الصغير إلى بقعته وهو يستحثهما على الإسراع وإبتسامة تكسو محياه.ذهل الوالدان مما رآه.ساق قصيرة فضية اللون تعلوها ورقتان صغيرتان مستطيلتان.خفق قلب الأم لفرط فرح إبنها وإتسعت إبتسامة فرت من ثغر أبيه لذات السبب.أصبح الطفل يقضي معظم ساعات النهار في الحديقة كما أصبح زيارة الوالدين للحديقة حدثا يوميا متكررا.كانت النبتة تنمو بسرعة فتزداد طولا عدة سنتيمترات يوميا وتزداد أوراقها عددا وحجما.فخلال شهر منذ بزوغها أصبحت شجيرة بطول قامة الطفل.
عجب الوالدين من النبتة العجيبة التي أصبحت شجرة فضية الساق حمراء الأوراق مستطيلتها.لاحظ الجميع إنتشار أزهار على أغصان الشجرة ذات بتلات حمراء وبيضاء يبدو أعلاها مياسم فضية.وفي اليوم الأخير من الشهر الثاني حصلت مفاجاة.كانت مفاجأة للوالدين لكنه حدث كان يتوقعه الطفل وينتظره بشغف.
صباح ذلك اليوم دخل الطفل على والديه بعد زيارته الصباحية للحديقة وهو يصرخ يناديهم وما إن نهضا من مقعديهما إلا وكان في مواجهتهما حاملا في يديه لوحي”كيت كات “صغيرين.خرج الجميع يركضون نحو الشجرة فإذا كثير من أزهارها قد تحولت إلى كيت كات بأحجام مختلفة. وما أن حل الضحى حتى بدأت الثمار الناضجة بالتساقط لتكسو أرض الحديقة أسفل الشجرة.عصر ذلك اليوم كان الطفل يلهو مع أصدقاءه في الحديقة ولا يتوقفون عن تناول الشيكولاته المتساقطة التي إتفق الجميع على أنها تفوق في لذتها تلك التي تباع بالأسواق,ربما لأنها طازجة.
جلست الأم بالقرب من زوجها الذي كان شارد الفكر فبادرته:”ها ودّك نزرع شيرة سنيكرز اللي تحبه”
التفت مبتسما:كنت أمزح مع صغيرنا حينما سألته أن يزرع سنيكرز.لكني كنت أفكر بأن من أخرج هذه الشجرة قادر على أن يجعل من بلدنا مكان أفضل لنا ولأولادنا وأحفادنا.
قالت الأم وكأنها تكرر حديثها مع صغيرها:نعم ولكن بالإيمان والعمل,نحتاج الثقة والجهد ليصبح الحلم حقيقة.