Archive for the ‘قصص’ Category

Articles

في المكتب الكبير

In قصص on 14/11/2013 بواسطة t7l6m

بعد موعد مسبق، وبعد المرور عبر المكتب الفسيح لمدير مكتب المسؤول، وبعد إستئذان مدير المكتب من المسؤول، دخل المواطن على المسؤول بعد ان أعطاه مدير مكتبه إشارة السماح. تشاغل المسؤول بأوراق على مكتبه. كان المواطن واقفا أمام المكتب الكبير للمسؤول . قال المواطن بنبرة عادية ” السلام عليكم”. توقف المسؤول عن تمثيلية إنهماكه، ومسرحية إنكبابه على الأوراق. كان يتمنى تحية أكثر حماسا وعبارة أكثر إجلالا تليق به على شاكلة ” صبحك الله بالخير طال عمرك”. رفع المسؤول رأسه ببطء شديد يتناسب مع التحية الباهتة لهذا البائس المدعو مواطن. برزت أرنبة أنفه قبل أن يكتمل مشهد وجهه للناظر. كان وجهه مشدودا نحو أنفه. الشفتان منقبضتان نحو الأمام، الوجنتان تكومتا نحو الأعلى، وضاقت عيناه بسبب ضغط عضلات الوجه عليهما. كان وجهه كمن إشتم رائحة كريهة، أو كأن أحداً أطلق ريحه في وجهه,متعمدا. من المؤكد أن دافعه لتلك الحركة شيء آخر لا علاقة له برائحة المواطن التي كانت عادية . قد يكون دافعه التعالي، وقد يكون طبع إعتاد عليه حينما يقابل مواطن عادي. لا يهمنا دافعه أو تحليل رائحة المواطن فالأهم ماحدث بعدها.

قلنا أن المسؤول الذي يحتل مدير مكتبه مكتب واسع فسيح رفع رأسه ببطء نحو المواطن العادي الذي طلب موعد لمقابلة المسؤول ولكننا لم نعرف غرضه من المقابلة. فالمشهد التالي يضعنا جميعا في حيرة: ما أن تلاقت عينا المسؤول بعيني المواطن العادي حتى قال له المواطن العادي بلا مقدمات، وبنبرة محايدة لا نعرف إن كانت صيغتها إستنكارية,أو تقريرية, أم إستفهامية، قال له ” أنت حمار”.

المسؤول جن جنونه إلا أنه حافظ على رباطة جأشه( أو ربما جحشه). لم يكن جنونه المكتوم سببه تلك الكلمات فقد قيلت له، وإن بصياغات مختلفة تؤدي ذات الغرض مثل ” أنت أثول” , أو “أنت ما تفتهم” , أو ” أنت يالدنبك”، ممن يعلونه في المسؤولية. ولتحري الدقه فمن وجه له تلك العبارات ، وغيرها، لم تكن مسؤولياتهم تفوق مسؤوليات المسؤول الذي قال له المواطن العادي ” أنت حمار” ولكنهم كانوا يعلونه في السلطة. فمن سخريات القدر, ومن مفارقات نظام الخدمة المدنية أنه كلما زادت سلطة المسؤول قلت مسؤولياته فالمسؤول عن أي خطأ لابد وأن يكون من المراتب الوظيفية الدنيا.

نعود مرة أخرى الى مسرح جريمة المواطن العادي الذي قال للمسؤول “أنت حمار” فجن المسؤول دون أن يظهر جنونه.قلنا أن العبارة أو مرادفاتها سبق أن هزت ذبذباتها طبلة أذن المسؤول صادرة عن حناجر ممن يعلونه بالمنصب أي أن العبارة بحد ذاتها لم تكن سبب جنونه الخفي ,فسبب جنونه مصدر الكلمات لا ما تحمله من معاني.
مرت لحظات كالدهر على المسؤول دار خلالها عقله بسرعة محرك توربيني .تساءل في سره “كيف يجرؤ مواطن عادي أن يتفوه بتلك الكلمات في حضرتي ناهيك عن أن يوجهها لشخصي؟”.كان الغضب يعتريه ,والرغبة بالإنتقام والثأر تتأجج في جوفه.فكر أن يستدعي رجال الأمن ويرفع قضية”إهانة موظف أثناء تأدية عمله” ضد المواطن ,إلا أن عقله حذره من مواجهة المواطن, وأنذره أن الرد على المواطن قد يأتي بنتيجة عكسية. إستعادت ذاكرته كم “المرمطة” وحجم “الطنازة” على صفحات الجرائد وفي تغريدات تويتر التي طالت أحد المسؤولين الذي قامت موظفة بقذفه “بالدباسة” .قرر أن ينهي الموضوع بهدوء (وبلاش فضايح). قال المسؤول الكبير للمواطن “لو سمحت إطلع بره”. شعر المواطن بإنكسار المسؤول الكبير ونبرة الإستجداء التي لوّنت عبارته. ألقى المواطن على المسؤول نظرة إستعلاء بوجه عابس.غادر وهو بكامل الإرتياح.
خرج المواطن من مكتب المسؤول الكبير وعبر مكتب مدير مكتبه الواسع بزهو.

توجه المواطن إلى مكتب مسؤول آخر وطلب من مدير مكتبه أن يحدد له موعداً لمقابلته.

الإعلان

Articles

مُعجب – الثاني والأخير

In قصص,حب وغرام on 12/11/2013 بواسطة t7l6m

كانت كلما ركزت في عملها تباغتها الأفكار وتستحثها لمجاراتها والإستغراق فيها.سرحت أكثر من مرة خلال العمل وغابت عمن حولها. عادت الى منزلها مبكرا ذلك اليوم. توقفت قبل ان تلج سيارتها وإسترجعت تفاصيل ماحدث لها صباحا. دخلت منزل اسرتها الكبير الواقع في إحدى الضواحي الراقية، التي تفوق اسعار منازلها أسعار منازل “النزهة” والتي ، بالمناسبة،لاتقع على البحر كما يظن، خطأً ، الإعلامي سعد العجمي. ونظرا لمساحة وموقع البيت أيقنا أن ثرائها حقيقي ,وأن لاعلاقة لها بصندوق المعسرين ووريثه صندوق الأسرة.وتأكيدا لثرائها المتجذر فإن الخدم في منزلها يرتدون زيا موحدا(يونيفورم) لا يباع في فروع الملابس الشعبية ، ولا يوجد مثيل له لدى أم محمد بجمعية الفيحاء.
تناولت قليل من الطعام رغم إغراءات الأطعمة المنتشرة على المائدة. عادت لغرفتها وأعادت شريط أحداث الصباح. تذكرت ماجرى بتفصيل أكثر. تذكرت أنه حينما ناولها البطاقة إنحسر كمه عن ساعة معصمه. رنت في أذنيها كلمة “معجب” وتردد صداها طوال اليوم. فكرت كثيرا في مصادفة توقيت مكالمة صديقتها . لعنتها على سوء التوقيت، ثم تراجعت حينما أمعنت التفكير في الحرج الذي سيصيبها حينما يتغزل بها.كانت ممسكة بالبطاقة جل وقتها ومعظم ساعات يومها. كانت في حيرة من, وتردد في مهاتفته.إستغربت من الحالة التي تمر بها,تأرجح مشاعرها,ترددها في القرار,شعور بالسرور.تلك المشاعر المختلطة والمتعارضة كانت سبب حيرتها فهي ليست فتاة مراهقة, ومثل سعاد حسني فهي ليست “صغيرة على الحب”. كما أن عالم الرجال ليس جديد عليها فقد سبق لها الإقتران برجل ولم يستمر زواجهما لأن الزوج كان “كلب” ,كما تعتقد, في حين يراها طليقها “بنت ستة عشر” من ذات السلالة الحيوانية.
عموما, كانت تعتبر الحدث مغامرة بالنسبة لها سواء هاتفته أم لم تهاتفه.وجاءت ساعة الحسم ولحظة القرار(to be or not to be): تخابره أو لا تخابره . درست الموضوع من جميع جوانبه وتبين لها أن الكرة بملعبها,فالأخ رمى قنبلته (رقم هاتفه) وعليها أن تتخذ قرارها.وما أن حل المساء بنجومه اللامعة وقمره المضيء حتى عاشت في أجواء رومانسية(لزوم المنظر البديع من بلكونة بيتها ,أو ربما على كرسي من الخيزران في حديقة منزلها.أعتقد كرسي الخيزران مؤثر أكثر). جالت ببصرها السماء ,وتأملت السحب البيضاء تغطي في ترحالها ضوء القمر وكأنهما في عناق.أنصتت لحفيف الأشجار يداعب أوراقها تيار لطيف من الهواء المنعش ,وإستمعت لهديل الحمام*. رققت الأصوات والمناظر الجميلة مشاعرها ومال ميزان قرارها نحو مهاتفة من ناولها رقمه صباحا.
فكرت طويلا بما سوف يدور من حوار بينهما ووضعت إفتراضات وردود عديدة. كانت في فضول شديد لمعرفة مالذي أثار إعجابه بها وأطار عقله ودفعه نحوها متسلحا برقم هاتفه. ورغم الحماس الذي أججته الطبيعة بسخاء جمالها, وعظيم أثرها إلا أنها آثرت أن تهاتفه صباح اليوم التالي. جزء من قرارها يعود إلى أن مكالمات المساء تحمل الكثير من الخطر, والجزء الآخر من سبب تأجيل المكالمة تمنّع النساء وربما الرغبة بالتسبب بتوتر لمن أعطاها رقم هاتفة وزيادة شوقه ولهفته لصوتها.

صباح اليوم التالي أصبحت وهي تتمنى أن يكون الإنتظار قد أنهكه بقدر ماشغل تفكيرها. قررت أن تتأخر عن عملها ، وربما لن تذهب إذا طالت المكالمة الهاتفية وطاب الحديث. وقررت كذلك أن تهاتفه في ذات الوقت الذي ناولها فيها رقم هاتفه فقد يكون ذلك أنسب وقت بالنسبة له.

أمسكت هاتفها بقبضتها وقبضة القلق ممسكة بها. إزداد توترها وعاد إليها ترددها كلما إقترب الوقت الذي حددته لإجراء مكالمتها. وبعد مرور مايزيد عن ٢٥ ساعة منذ لقاءهما رن هاتفه. شاهد رقما مجهولا على شاشة هاتفه ، كان رقما مميزا يتكرر فيه أحدالأرقام عدة مرات. أجاب ب ” ألو ” فإذا بصوت نسائي رخيم يكرر على مسامعه، بخجل، الكلمة التي نطقها. ” نعم” قالها وسكت فإزدادت إرتباكا وكادت أن تنهي المكالمة لولا أن واتتها الشجاعة فنطقت إسمه. رد مباشرة ” إنت راعية البي أم ٦٠٠ “. قالت ” إي نعم” وقالت في سرها (الظاهر عطى رقمه أكثر من وحده ومحتار أنا أي وحده منهم). قال” بصراحه آنا معجب بسيارتج وايد. للبيع؟”.

أصابتها العبارة بالإحباط، وأوشكت أن تثأر لأنوثها فتقول له (مبين عليك من شكلك وساعتك التقليد أنك شريطي سيارات ) فتراجعت سريعا تحت وطء إبتسامة إقتحمتها بسبب سخرية الموقف .

أجابت” لا السياره مو للبيع”.

كانت تتمنى أن يأتي رده سريعا” طيب ممكن نتعرف”
إلا انه قال”أختي إذا نويتي تبيعينها كلميني,وإن شاء الله ما نختلف على السعر”

قالت في سرها”صج حيوان”
وقالت له “شكرا مع السلامه”

*(جارهم مطيرجي)

Articles

مُعجب

In قصص,حب وغرام on 10/11/2013 بواسطة t7l6m

رآها فأعجبته فورا، كان شكلها ولونها في غاية الجمال. توجه نحو إمرأة كانت تنظر نحوه حينما ترجلت من سيارتها. إستغربت سيره الحثيث بإتجاهها وأعجبها، في الوقت نفسه، أناقته الواضحة والمفرطة وما رأته شجاعة وجسارة منه. حياها بأدب وإبتسامة خجولة ترافق تحيته. ردت بإقتضاب وهي تقاوم رغبة بمبادلته الإبتسامة.نظرت اليه بتعجب شديد وهو يقول ” بصراحه آنا معجب …..” وقبل أن ينهي جملته أسكته رنين هاتفها النقال . تنقلت عيناها بينه وبين حقيبتها اليدوية وهي في كامل الإرتباك. تنهدت حينما رأت إسم صديقتها يومض على شاشة هاتفها، كان إرتباكها سيتضاعف لو كانت المتصلة والدتها. تشاغلت بالمكالمة عنه . شعر بالحرج وهو واقف بجوارها وهي تتحدث . شعر بأنه سيكون فضوليا لو زاد إنتظاره عن الثواني القليلة التي إنقضت.ناولها بشيء من الخجل بطاقة وغادرها نحو سيارته.
وقفت مذهولة ممسكة بالبطاقة. لم يكن ذهولا صرفا فقد إحتوى على شيء من السرور والإعجاب بالنفس.وقبل أن نسترسل بوصف مشاعرها, لابد من تقديم وصف لها. كانت تبدو عليها مظاهر الثراء. لانعلم، في هذه المرحلة المبكرة من حكايتنا، ما إذا كان ثرائها حقيقيا أو مصطنعا. حقيقيا بسبب إرث، غنى الوالدين أو أحدهما، صناعة الكب كيك أو إمتلاك مطعم ” كرك” .ودون الدخول في التفاصيل فقد يكون مصدر ثروتها أحد المصادر التي يعاقب عليها قانون غسيل الأموال . وفي المقابل, قد لا يعكس مظهرها حقيقة رصيدها النقدي فربما صنعت مظاهر ثرائها بقرض
( ١٠ أضعاف الراتب) وقروض من جهات أخرى أكسبها عضوية صندوق الأسرة.عموما، ليس هذا جوهر الحكاية.
كانت البذخ متجسدا في إمرأة. ثيابها ماركة، حقيبتها ماركة، ساعتها المرصعة بالماس ماركة أيضا، وكل ماعلى جسدها ماركات عالمية من إكسسوارات على أذنيها وحول رقبتها ورسغيها, مرورا بالحزام الذي رسم وسطها, ونزولا إلى حذائها،وحيث اني لست ضليعا بالماركات فلن أكشف جهلي وأخاطر بتسميتهم,رغم أنكم ستعذروني لو تذرعت بعدم رغبتي بالترويج لماركة معينة.سيارتها كانت شكلا وسنة صنع متجانسة مع بذخها. وحيث ان ( بنت الفقر) لن تتمكن بتلك السهولة من جمع كل تلك الماركات العالمية حولها فالأرجح ان ثرائها حقيقي.
نعود إليها ، بشعرها الذي لايغطيه سوى ( سبراي) لثبات مظهره، ممسكة بالبطاقة يشوب ذهولها سرور وإعجاب بنفسها.كانت على وشك أن تقول لمن كانت تكلمها على الهاتف أن رجل ناولها رقم هاتفه وإسمه ( رقّمها) فترددت منتشية بأفكارها حول الحدث. نشوتها ترجع الى انها إفتقدت حدث كهذا أو حدث شبيه يعبر عن إعجاب رجل بها بهذا الوضوح . “إفتقدت” لاتعني بالضرورة ألا ينظر اليها أحدهم نظرة إعجاب (مصيبة إذا كانت نظرة فضولي عند الإشارة ولم يكرر إلتفاتته مصحوبة بإبتسامة)، ولكن تعاني من هؤلاء الشياطين، الموصوفين خطأ بالرجال، الذين يدّخرون غزلهم وتملقهم للشابات دون من هن في سنها.بكل صراحة لا نعرف الكثير عن سنها، ومن المستحيل تحديده بدقة دون معرفة رقمها المدني، فأناقتها وإهتمامها الشديد بمظهرها ،وما تستخدمه من طلاء ومساحيق التجميل،لابد وأن يشطب عدة سنوات من سنها الحقيقي عند تقدير عمرها. كما,يزيد من الحيرة عند تقدير سنها, أن جسمها تقل كتلته وحجمه عن تلك النسوة اللاتي ما أن يقتربن من الأربعين عاما حتى يبدأن بالإمتلاء, وما أن يتجاوزنها حتى يقولوا لخلاياهم الدهنية “إنتشروا” .

عاشت مع أفكارها,حول الحدث- الواقعة, طوال يومها, نهارا وليلا.

يتبع الجزء الثاني والأخير.

Articles

أقبلت في غلالة زرقاء

In قصص,حب وغرام on 17/09/2013 بواسطة t7l6m

أَقْبَلَت في غِلالةٍ زرقاء زرقةً لقِّبت بجري الماءِ
فتأَمَّلَتْ في الغلالة منها جَسَد النورِ في قميص الهواءِ
هي بدرٌ وإن أحسنَ لونٍ ظهر البدرُ فيه لونُ السماءِ

جاءت وما إن غادرت حتى تغنى وهو يهز رأسه طربا بشطر البيت الأول “أَقْبَلَت في غِلالةٍ زرقاء ”
دفعني غناؤه نحو إبتسامة ساخرة.
قلت :لا يليق شعرك بالواقعة فلا لون القماش ولا نوعه ينطبقان عليها.
أجابني بلغة شاعرية:فعلا ,فاللون لون البخور بعد أن يطلق شذاه,ولون السماء وهي تبشر بالغيث,ولون طائر الفينيق* قبل أن ينبعث من جديد.
قاطعته:الله الله ,العنقاء مرة واحدة .
أضاف:أما القماش فإنه وإن لم يكن غلالة تشف الجسد, وإن كان قطنيا ثقيلا يحجب ما دونه فإن أثره على ناظري ربما أشد وطأة من الغلالة.
قلت,بتعجب:كيف؟
قال:أرأيت كيف رسم الثوب ذلك الجسد بدقة وروعة كأجمل لوحة.أرأيت كيف أحال الثوب جسدها إلى منحوتة تفوق في روعتها وجمالها وأنوثتها أفروديت و فينوس مجتمعتان.
واصل حديثه منتشيا:رأيتها بذلك الثوب عصفورة تحلق بين الأغصان وسمعت صوت خطواتها معزوفة,تمايل جسدها رقصة وخطواتها إيقاع .

وقبل أن يكمل تغزله قاطعته ضاحكا:أسكت يا مراهق.
نظر نحوي صامتا وعيناه تنطق بتلك العبارة:بذمتك مو صح كلامي.
غادرته قبل أن تفضحني شفتاي.

*الفينيق:الترجمة الحرفية الحديثة لطائر العنقاء التي تقول الأسطورة أنه عندما يموت يحترق ويصبح رمادا ويخرج من الرماد طائر عنقاء جديد. .

Articles

صدفه

In قصص,حب وغرام on 29/08/2013 بواسطة t7l6m

بين صفين من المحلات والمطاعم إلتقا. في ممر واسع ضاق بمشاعره شاهدها. هرع نحوها يحييها وعلامات السرور تكسوه.وقفت أمامه فشحبت أضواء المحلات أمام وجهها الوضاء. ردت تحيته بوجهها الطلق فتحول صخب السوق والمتسوقين إلى همس. وجودها غطى ماحولها .أحال حضورها ذلك الممر الواسع إلى خشبة مسرح مظلمة إلا من بقعة ضوء سُلّطت عليها.أصبح لا يرى سواها ولا يسمع إلا صوتها فقد أحال وجودها ماسواها إلى فراغ.فقد المكان أبعاده.
تحادثا وإجتر الأسئلة ليطول الحديث.بادلته الحديث بود. تكلمت بعفويتها.بلا تكلف وبلا مراء تحدثت.كان في قمة سروره.سعيدا باللحظة التي جمعتهما دون موعد.فشل خجله في منعه من تأملها مليا وهي تحدثه,وإن أجبره على النظر إلى الأسفل بين الحين والآخر.تاه في ملامحها وضاع في وجودها وكادت رجلاه أن يعجزان عن حمله.
جميل وجهها الخالي من المساحيق.ساحرة إبتسامتها.بسيطة في أناقتها.كان غارقا في وجودها منتشيا بتلك اللحظات وإنتشله الواقع.سيزيده متعة وسرورا تواصل حديثهما لساعات طوال لكنه ودعها حرصا عليها.شكر في وداعه الصدفة التي جمعتهما.لم تفارقه صورتها ليال طويلة.
.
.
.
.
.
ضاق صدره بأحاسيسه فحدّث صديقه بما جرى.حكى له مادار ,ووصف له روعة الموقف,وإعترف بمشاعره نحوها.
كان ينتظر من صديقه تعليق أو رأي.
لاحظ مستمعه أن محدثه لم يشير إلى مشاعرها نحوه.
قال صديقه:
كانت جدتي تردد دائما “لاتتزوج من تُحب.تزوج من تُحبك”.

إفترقا ولم يفارقه منذئذ سؤال يتيم:” ماذا تشعر نحوي؟”

Articles

“ريجيم” قاسٍ

In قصص,حب وغرام on 02/07/2013 بواسطة t7l6m

ببساطة,كانت تعشق الشيكولاته وكل مايمت للكاكاو بصلة.

كانت تتلذذ بتناول ألواح وحبات الشيكولاته بالحليب وتلك الخالية منه,بالمكسرات والفواكه وبدونهما. تشرب حليب بالكاكاو ساخنا وباردا.كانت المثلجات بنكهة الكاكاو مفضلتها.وكان عشقها “choclate cheese cake” .بإختصار كان الكاكاو بتنوع خواصه الكيميائية والفيزيائية عشقها.ورغم ذلك لم تكن سمينة وهو مايعد إنجازا إذا ما أخذنا بالإعتبار شراهتها في تناول تلك المادة الغذائية .
لم يكن لكتل الشحم موقعا في جسدها كما لم يكن أي من أنحاء جسمها مقرا لتلك الكتل .بإيجاز ,ودون الدخول بالتفاصيل ,لم تكن ترتدي ملابس مقاسها يتضمن الحرف( X ) اللاتيني بل ولا الحرف(L).لم تكن سمينة,و لم تكن نحيفة ,وإنما كانت ممتئلة بعض الشيء. بنيتها كانت رمزا للصحة والثراء في عصور سابقة.وجنتاها المستديرتان يميزان وجهها النضر.
من سوء حظها أن تلك البنية لم تكن ال”موضة” السائدة في العقد الثاني من الألفية الثالثة . كانت النحافة معيار لإختيار عارضات الأزياء وممثلات الأفلام والإعلانات التجارية.كانت الملابس مصممة للنحيفات وكانت تفضح أدنى درجات السمنة .لذا ,تسابقت الفتيات في عصرها على النحافة وإن تطلب ذلك جراحات طبية.منهن من قام ببتر جزء من معدتهن لتستوعب كميات أقل من الأطعمة ومايفيض منها تلفظه أفواههن.أخريات قمن بشفط شحومهن.وفي المقابل,كثيرات مارسن الرياضة و/أو الحرمان من نعم الله.
في لحظة ما قررت أن تكون أنحف.لا نعرف دوافعها وإن كان جهلنا بدوافعها لا يردعنا عن التخمين.ربما كانت تسعى للتميز بين صديقاتها وزميلاتها وربما التفوق شكلا عليهن,وربما كانت تستعجل قدرها المكتوب بالزواج مبكرا ,وربما لتزداد إعجابا بنفسها أو ثقة بها.لايهم السبب بقدر أهمية ماجرى لها.

أدركت أن سبيلها لتخفيض وزنها وتقليص حجمها التوقف عن طعامها المفضل:الكاكاو.توقفت عن تناوله صلبا أو كأحد مكونات الحلويات وإكتفت بتناوله سائلا. كانت ترتشف الحليب بالكاكاو ساخنا في إفطارها وتتناوله باردا طوال نهارها.إستمرت على هذا النحو أياما.رغم تغيير نمط غذائها وتقليل ماتتناوله من طعام إلا أن وزنها لم ينقص بقدر جهدها ومعاناتها.قررت التوقف عن تناول مشروبها المفضل.خطوتها الشجاعة و إصرارها على تخفيض وزنها آتت أُكلها.لاحظت إنخفاض وزنها بشكل متواصل مع مرور الأيام وشعرت بشيء من السرور .
إستثمرت جسدها الجديد كما تمنت.إقتنت ثياب بقياس بنيتها الجديدة .ثياب تناسب جسدها الذي إنكمش.إشترت ملابس متنوعة الألوان والأشكال والأطوال.سراويل ضيقة تكشف نحافة الساقين.فساتين تلتصق بجسدها الصغير كأنها حيكت عليه وأخرى طويلة فضفاضة تشي بنحافة من يرتديها.
واصلت نظامها الغذائي الجديد بإصرار . إستمر وزنها بالإنخفاض و وواصلت بنيتها تقلصًا.تحولت من ممتلئة إلى نحلية,بل وربما هزيلة.إعتادت نفسها على الحرمان وألَفت معدتها قلة الزاد.

سرورها بنجاحها في تخفيض وزنها لم يكن خالصا .كانت تشعر بشيء ينغص عليها روعة إنجازها ولم يكن الخمول الذي يراودها بعض الأحيان سببه الوحيد.تهاجمها تساؤلات من حين إلى آخر حول جدوى ما تقوم به . شعرت بأن إنجازها على مستوى الجسد لا يوازيه رضاً في نفسها.تشككت مرارا بأهمية ما تقوم به.غاب عنها وهي تحصر ملاحظتها في جسدها أفول في أنحاء أخرى منها.كانت تغيراتها ,بطيئة,متدرجة,وتزداد رسوخا .فقد شعرها وعيناها بريقهما بمرور الأيام. فقد وجهها نضارته وغابت البهجة عن إبتسامتها .غارت عيناها شيئا فشيئا وبرزت عظام وجنتيها.قلّت زيارات إبتسامتها التي لم تكن تغادرها .

وفي إحدى الصباحات دخل عليها حاملا بيده طبقا كبيرا.قربه نحوها قائلا “بمناسبة حصولي على الماجستير”.كان مصفوفا على سطحه شيكولاته بأشكال وأحجام مختلفة. تناولت أصغر قطعة في الطبق.سحبت منديل ورقي من علبته وقبل أن تلف قطعة الشيكولاته بالمنديل قال لها “تهنئتي بالشهادة أن تأكليها وتخبريني برأيك فالجميع يقول أنك خبيرة شيكولاته”.حاولت الإعتذار دون جدوى أمام إصراره المهذب.
إبتسمت وهي تدسها في فمها. تشّرب جدار فمها ولسانها طعم الشيكولاته في لحظات.أغمضت عيناها,لثوان, دون وعي منها أو إرادة وهي غائبة .شعرت بصاعقة تضربها وتعيد إلى روحها بهجة الحياة وجمالها وروعتها.فتحت عيناها على وجهه الباسم. رأته في غاية الوسامة رغم أن مايربطه بالوسامة خيط لا يكاد يرى. رأته,بلا سبب, في قمة النبل والشهامة.رأته ملاكا.رأته بعين الرضا وبروح سعيدة مسرورة كما لم ترى رجلا من قبل.وكانت تلك النظرة بداية علاقتهما.

يقال أنه بعد عام من زواجهما أصبح يلقبها ب”البطه” وهو يلقمها بيديه الشيكولاته.

Statuses

علاقة سطحية

In قصص,أخلاقيات on 27/06/2013 بواسطة t7l6m

كان ممسكا بالقلم دون أن يحركه على الورقة بل لم يقربه منها.يؤلمه أن تحرمه المشاغل والمسؤوليات عن الكتابة .أراد أن يكتب ولو كلمة واحدة.القلم بين أصابعه, الرغبة بالكتابة تملؤه,يدفعه الحماس و تتصارع في عقله الموضوعات.أمسك بقلمه وقرر أن يكتب مالم يحدث:

جلسا يتحدثان.أحاديثهما لاتخرج عن نطاق أحوال الأسرة وربما ,حينما يريد إستثارتها ,يحدثها عن الأوضاع السياسية.أحاديث بلا هدف وبلا نتيجة مجرد تبادل كلمات وجمل .حوارهما مجاملة .تربطهما علاقة سطحية لم تزيد السنوات عُراها توثقا. ربما كان دوره في إطلاق الكلمات من فاهه,وربما كانا صامتان حينما لا حظ ما إستبد بها.قطبت جبينها وكست عيناها نظرة إزدراء.كانت عيناها مصوبتان بإتجاهه ونظرها يتجاوزه .مرت فتاة بجواره آتية من خلفه.عرفها حين لمحها.كان يراها من قبل .بإختصار كانت فاتنة.
تساءل في سره عن سر إمتعاضها.أهو حسد لشباب تلك الفتاة وحسنها ؟ أم تراه أسف على شباب رحل ,و جمال بهت ,وجسد ترهل بفعل تكرار الحمل والولادة.إلا تدرك أنها ترفل بنعمة الحياة لا ينقصها شيء من مادياتها.ألا تعي أنها تعيش في محيط من الإستقرار تحت ظل زوج محب يطوقها أبناء مطيعون.
قطع صمته سؤالها:”شنو كنت تقول؟”
أجاب:كنت أظن أن أيامي رمادية وحياتي مملة ولكني أدركت أني في نعمة كبيرة.
أضاف وهو يغادر مقعده:O.K bye
تركها في حيرة.
لم تصدر عنه مثل تلك العبارات من قبل.لم يتحدثا بعمق مطلقا.
تساءلت في قرارة نفسها “هل حياتي مملة وأيامي رمادية؟”

تكررت لقاءاتهما وتكررت خلالها أحاديثهما ولا تزال علاقتهما سطحية.

Articles

الراهبة:خلف الكواليس

In قصص,حب وغرام on 05/06/2013 بواسطة t7l6m

قطع حديثه عن تلك الفتاة التي خالها راهبة,وشرع بحديث آخرً لم يحوز به على إنصاتي ,ولم يجذب فكري بعيدا عن تلك الفتاة التي تحدث عنها.قلت في سري غافلا عن حديثه :

“ويحه .. وقد استكثر أن تفرح بنفسها ..
ويحه .. ولم يلتفت لجمالٍ حاولت ابرازه .. ففشلت ..
ويحه .. لم يعي بأنها كانت تستجدي بعضا من إطراءه ..
ويحه .. لم يدرك بأن نسكها قد أفقدها اتزانها .. حتى تضاربت الألوان في وجهها ..
ويحه .. لم يدرك ملامحها .. ولا نظرة عينيها .. وماكانت تقوله له ..
ويحه .. قد أخذه بكل مافيها ونال من زهدها .. ولم يغض بصره !”*

قلت له مقاطعا,حديثه الذي لم أنصت لكلمة منه:لا أصدق ماقلت عن تلك الراهبة ولم ينطلي علي إدعائك بغض البصر.

أطرق لبرهة.أجاب بعدها:هل أملك إلا أن أغض البصر وأغرق في مستنقع وحدتي .هل تتوقع مني أن أطري شبابها,أو أتغزل بوجهها الزاهر** او بجسدها الوافر … رشاقة؟أتنتظر أن أقول أنها في سيرها الهادىء بردائها الواسع كانت غصن يحمل زهورا هزها النسيم فتمايلت خجلا ؟
أم أنها كست جسدها برداء إصطبغ بالنبيذ لتُسكر من يراها وتُثمله؟
أتريدني أن أعترف لك أنها إمتلكت جمالا باهرا,وخجلا وقورا ,ورقة عذبة؟أن كلامها همس راهبة إذا علا أصبح ترنيمة شجية؟

قلت:ربما كانت تستجدي إطراءك؟
زفر وهز رأسه بأسى قائلا:مثلها لا يستجدي الإطراء وربما يتحاشاه ويتجنبه.فيكفي وجنتاها ماحبته الطبيعة لهما من حمرة فكيف إذا إزدادا حمرة بالخجل وإزدانا به. ياعزيزي, من يمشي مثلها ملاصق للحائط لا يريد ولا يطلب ولا يستجدي مديحا أو إطراءً.مثلها مكتفٍ منه زاهدا به.

قلت:تجنيت عليها حينما هجوت زينتها دون إدراك ملامحها.
أجاب:وصفت مارأيت وأسريت في نفسي ما أدركت .آثرت وصف سحب الألوان وغيوم الطلاء رغم أنها لم تحجب مادونها وحجبت عنك ما أدركته من سعة العينين, وإكتناز الشفتين, ولطف إستدارة الوجنتين.

تساءلت:أتظنها حاولت إبراز جمالها ففشلت أم أن نسكها أفقدها إتزانها فتضاربت الألوان في وجهها؟
أجاب:لا أدري.وأظن أن مثلها لايفشل في إبراز حسنه مهما سعى ولا يفقد توازنه مهما تعثر.

قلت:كنت سأقول لك “ويحك” لِما أبديت ولمّا بحت بما أسررت أقول بكل ثقة “ويح قلبك” لأن حالتك صعبه.

*الكلمات من تعليق زميلتناالجودي – صوت المرأة في كل الأحيان.غذّت كلماتها خيالاتنا وإستحقت منا الشكر والإمتنان.
**الزاهر من معانيها:حسن,جميل ,مشرق ,لامع ,متلألأ ,وشديد الحمرة.

Statuses

الراهبة !

In قصص,أخلاقيات on 29/05/2013 بواسطة t7l6m

قال,بنبرة محايدة:رأيتها راهبة.
أضاف,بعد لحظة صمت:كانت تمشي ببطء بزي أقرب إلى زي الراهبات.يجللها رداء فضفاض بلون النبيذ .يكسو الرداء جسدها بأكمله وينسدل حتى يلامس الأرض التي تمشي فوقها.يلتف حول خصرها حزام أشبه بالحبل.فإذا كانت مثل بعض الراهبات حينما يتمنطقن , إلا أن الحبل الذي يحيط خصرها كان بذات لون ثوبها.حزامها بلون الخمر وحزام الراهبة إما بلون حضور النور أو بلون غيابه,إما أسود أو أبيض.
أكسب الحبل-الحزام هيئتها أنوثة كانت ستفتقدها بغيابه.وضع الحبل بصمته على الرداء الفضفاض فألصقه بوسط الجسد .رسم خطوطه وإنحناءاته ,بروزاته وثنياته.أفشى ملامح خصرها ورسم قسمات ما دونه.
سألته مقاطعا:حديثك ,بوح عاشق؟
واصل ,ومسحة من السخرية تكسو وجهه:ملاصقة لحائط الممر الطويل سارت ,تتحدث همسا بهاتفها,وأنا خلفها.خشيت أن يجذب بصري ما قد يترجرج منها فأسرعت قليلا لأتجاوزها.ألتفتت نحوي حينما بت موازيا لها.غلبني الفضول فبادلتها الإلتفاتة.تلاقى وجهانا للحظة كانت أكثر من كافية بالنسبة لي. لا أظن أن عينانا تلاقتا, ومن المؤكد أني لم أدقق في ملامح وجهها ,ورغم ذلك فإن منظرها الأمامي لاعلاقة له من قريب أو بعيد بالنُسك أو الرهبنة .
حمل وجهها البهرجة والصخب بصمت.إقتحمت عيني حمرة صارخة .كست شفتاها ,وربما تجاوزتهما,الأحمر القانئ.وجهها كذلك كان ملطخ بالأصباغ.تجاوزتها ولم أتجاوز هول ما رأيت .قلت في سري:ربما سبب رهبنتها أنها لاتجد مايكفي من المال لإرتداء ملابس تناسب تهور مكياجها.
قلت:ما يضيرك إن كانت راهبة متبرجة.

ضحك طويلا وتحدث بعدها في موضوع آخر.

Articles

القاهرة وبيروت

In قصص,سياسه on 15/05/2013 بواسطة t7l6m مصنف: ,

سنوات وأنا أتردد على القاهرة .وتصادف خلال بعض الزيارات أحداث جسام وأخري خرطية*.شهدت ثورة يناير وشاهدت أحداثها حية فقد كنت متواجدا يوم 25 يناير 2011 وقضيت يومان بعد جمعة الغضب .شهدت تجمعات المصريين في ميدان التحرير قبل إعلان نتائج إنتخابات رئاسة الجمهورية,وسمعت هتافاتهم,بعد إعلان فوز مرسي, وأنا على بعد عدة كيلومترات من الميدان.لن أذكر مزيدا من الأحداث التي كنت متواجدا خلالها في القاهرة لكي لاتتطيروا مني.

المهم,وماعلينا بالمصري,كنت قبل أيام في الفندق المأسوف على شبابه والمعروف بسميراميس.كنت أريد أن أذهب إلى أحد الشوارع التي تقع خلف الفندق.في الجانب الخلفي من الفندق يوجد ميدان “سيمون بوليفار”.ولا يغركم وصفه بميدان فهو حقيقة تقاطع لثلاثة شوارع فرعية في طرفه دائرة قطرها متر وكم سم(سنتيمتر)فيها نصب رخامي يعلوه تمثال نصفي لمحرر أمريكا الجنوبية المدعو سيمون إهداء من “جمهورية فنزويلا البوليفاريه- وهو الإسم الرسمي لفنزويلا).والأهية الإستراتيجة للميدان تنبع من قربه من وزارة الداخلية (و/أو أمن الدولة) والسفارة الأمريكية وهي وجهات مفضلة للمظاهرات الأخيرة.
الميدان شهد(في غيابي )أحداث دامية كما شهد في وجودي في القاهرة بعيدا عنه(هارب إلى الزمالك) أحداث لاتقل دموية وعنفا.ونتيجةلذلك تم إغلاق شارعين من الشوارع الثلاث ,التي تؤدي إلى الميدان, بحاجز من كتل إسمنية بإرتفاع ثلاثة أمتار.

المشكلة أن الظروف إضطرتني للذهاب إلى واحد من الشوارع المغلقة سيرا.كنت أظن أني أحتاج أن أسير إلى نهاية الشارع الوحيد السالك وأتجه يمينا لدخول الطرف الآخر من الشارع المغلق.تبين لي أنني مخطيء.
كان في الميدان ماكان يبدو أنه مدرسة (وما كنت أشك أنه مقر أمني مستتر) .المبنى حاليا خرابة بلا سور أمامي.كان الناس يتدفقون من جهتي الشارع المغلق من خلال فتحة في السور الجانبي للمبنى.شاركت أخواني المصريين,منحنيا, تجربة العبور .قلت لرفاق العبور (ويازيني وأنا أرطن مصري) “المفروض يعملوا فتحة للدخول وفتحه للخروج” .تألمت لما شاهدت في الجانب الآخر من الشارع .كان هناك مبنى محترق ومكاتب ومحال مغلقة أحدها المكتبة التي كنت أقصدها.ورغم ذلك كانت هناك حركة بصورة أو بأخرى في الشارع.في نهاية الشارع كان هناك مجموعة من رجال الأمن المركزي جالسين على عتبات مدخل مبنى حكومي.يقع في نهاية الشارع الذي كنت أسير فيه شارع القصر العيني وهو شارع رئيسي يضم مجلسي الشعب والشورى وبعض الوزارات ومطعم مشويات وحمام “أبو شقرا”.

كان الوضع في شارع القصر العيني أسوأ مما توقعت.كانت نهايته التي تربطه بميدان التحرير مغلقا بكتل خرسانية.شاهدت كثيرا من رجال الشرطة في مواقعهم في الشارع وآخرين في مستودعاتهم المسماة شاحنات الأمن المركزي .وحدث ولا حرج عن التواجد الأمني أمام مجلسا الشعب والشورى .
مشيت في الشارع الذي أصبح موقفا مكشوفا للسيارات.بعد عدة مئات من الأمتار واجهني حاجز من الدعامات الحديدية مكسوة بصفائح من ذات جنسه.كنت على وشك تجاوزه,مكرها,بدخول طريق فرعي على يمني.لم أكن أريد الدخول في أزقة المنطقة وشوارعها الضيقة التي يتوه فيها خبير مرور مصري .لاحظت أن حركة المشاة على الرصيف المقابل لرصيفي نشطة.لاحظت أن كثير من الناس يدخلون بقالة ملاصقة للحاجز المعدني وقليل من الناس يخرجون منها.توجهت نحوها فإذا بورقة على زجاجها مكتوب فيها “ممنوع عبور البضائع”.كان للبقالة باب ثاني يطل على الجهة الأخرى من الشارع المغلق فأصبحت ممر عبور للمشاة .

أسفت لما آلت إليه القاهرة بعدما كانت دار أمن وأمان.وذكرتني رحلتي ,راجلا, بما قرأته عن تقسيم بيروت إلى شرقية وغربية خلال سنوات الحرب الأهلية.وأيقنت أننا كشعوب عربية,وقد لا تتفقون معي,لا نستحق الربيع .

*خرطي و جمعها خرطيه:أمور تافه ,ليست ذات شأن.