القاهرة-السبت :23/6
كانت الأجواء متوترة بعض الشيء بسبب تأخر إعلان نتيجة الإنتخابات الرئاسية المصرية.ساد الترقب والقلق أجواء القاهرة وضاعف من أثرهما مليونية مستمرة في ميدان التحرير حتى إعلان النتائج.لا يخفيكم أن المتواجدين في الميدان من أنصار المرشح محمد مرسي.
خرجْت,صباحا,من فندق سميراميس متوجها نحو جامعة الدول العربية.يقع كِلا المبنيين على أطراف ميدان التحرير يفصلهما شارع.كانت الساعة تقارب العاشرة صباحا.كنت ,ومن معي,نمشي على الشارع الذي توقفت به حركة المرور بسبب إغلاقه من قبل منظمي تجمع الميدان.كان من المستحيل المشي فوق الرصيف.
كانت الأرصفة أشبه بسرير كبير مليء بالنائمين.غطّت الأجساد كل شبر من مساحات الأرصفة على الجانبين.أغلق النائمون,والناعسون ,والمستيقضون المدخل الرئيسي لجامعة الدول العربية وكذلك باب دخول السيارات.دخلنا من باب صغير في نهاية سور الجامعة.عبرنا مساحات متربة ومهملة في فناء منسي من أفنية الجامعة المتعددة.
إلتقينا زملاء من وفود الدول العربية في الممر الرئيسي للجامعة والتي تقع في جانب منه قاعات الإجتماعات.كان القلق واضحا على وجوههم وبدرجة أقل على وجوه العاملين في الجامعة .بدأ الإجتماع متأخرا بسبب تأخر وصول عدة وفود إلى قاعة الإجتماعات.أنهينا الإجتماع حوالي الساعة الرابعة عصرا.
خرجنا من الجامعة ولا تزال الأرصفة محتلة وإن تغيرت هيئة محتليها.إستيقظ كثيرون وعاد إلى الرقاد البعض.رأيت أحدهم يتوضأ للصلاة بماء يسكبه من قارورة مياه بلاستيكية.شاهدت في الرصيف المقابل لوحة ,متوسطة الحجم,مكتوب عليها بخط كبير”فندق الميدان”.تم ربط حبل على سور الجامعة عُلقت عليه ملابس .هناك باعة للشاي والحمص,أطفال تتسول,رجلين أمام حاجز يفتشون مايحمله الداخلون إلى الميدان.لم يضايقنا أحد,رغم ملابسنا الخليجية,وإن حيّانا البعض بلهجة أفلام عنتر بن شداد.
خرجنا من أطراف الميدان ودخلنا عالم مختلف :الفندق.
يرافق هدوء المكان وقلة المتواجدين في البهو موسيقى خفيفة.دعوت زملاء لمشاركتي الغداء فإعتذروا .جلست في المطعم, برفقة حقيبتي للإجتماعات.شرع التفكير بطرق مخيلتي ونظري يجول في المطعم الغارق في الهدوء لخلوه من الزبائن.
الفندق يعاني كسادا واضحا رغم الآلاف المؤلفة من المحتجين القابعين على الأرصفة المجاورة.تخيلت التجمع في بلد النهار,بلد الخير والنعمة,بلد المعارضة التي تهدد دائما برفع السقف.تخيلت الفندق يجاور ساحة الإرادة والنواب يدعون لعشرة ألفية(طبعا مالكم أمل مليونية)مستمرة حتى الإطاحة بالحكومة الخفية(الموضة الجديدة وعنوان تحركهم الحالي).
إنتعش الفندق بدرجة لم يحلم بها ملاكه.إمتلأت مواقف الفندق بالسيارات الفارهة الرياضية منها والصالون حيث يتقاضى الفندق من كل سيارة نصف دينار مقابل كل ساعة(أو جزء منها). كان بهو الفندق يعج بالرواد من المتجمعين في ساحة الإرادة ,المجاورة,والذين إحتلوا كافة موائد المطاعم والمقاهي.
هناك حشد من الشباب أمام كاونتر الحجز.تتعالى أصوات الشباب الراغبين بحجز غرفة في الفندق .يدب الخلاف بينهم بسبب أحقية كل منهم بالغرفة الوحيدة الشاغرة في الفندق الممتليء عن بكرة أبيه(وأم يابته).هناك إتصالات لبعض مفاتيح النواب وسكرتاريتهم للبحث عن واسطة لحجز غرف لمناصريهم.يستخدم شباب المطالبات السياسية الغرف للراحة وتغيير ملابسهم بالإضافة الى التخلص من فضلاتهم البشرية.
كان العمل في أوجه في الفندق.كان العاملين فيه في حالة دائمة من الإستنفار.الجرسونات في حركة مستمرة,الطباخون لايتوقفون عن الطبخ طوال الليل والنهار, عمال المصبغة يغسلون ويكوون .خدمة الغرف(Room service) لا يتوقف هاتفها عن الرنين.
تخيلت ذلك وقلت في سري “صراحه إحنا بطرانين”.
اترك تعليقًا