بون شاسع بين الوصية والواقع .لقد وصفهن الرسول عليه الصلاة والسلام بالقوارير لرقتهن وأوصى الرجال بهن خيرا.فهل إستوصىينا بالعاملات منهن؟
وهل أخذنا بالإعتبار البعد النفسي و ظروف النساء وحاجاتهن المتباينة؟
***********************************************************
سماء صافية وشمس ساطعة منحت الأفق ضياءً وزرقة البحر بهاءً.أطلت على المنظر عبر نافذة مكتبها فأدركت مالا يدركه غيرها ورأت مالا يراه سواها في هذا المنظر البديع .رأته غزلا في نسيج خطة محكمة لزيادة معاناة العمل اليومية.وأدركته ظرف آخر من ظروف عملها يضاعف إرهاقها.
أنجزت عملها وألقت جسدها المنهك على المقعد.شعرت بحاجة إلى شيء من الهدوء بعد جهد متواصل منذ الصباح .إلتمست قليل من الراحة والإسترخاء بعد ساعات طويلة من حركة البدن ونشاط العقل.تأملت المنظر الخارجي .عادت ببصرها إلى الساعة المثبتة على الحائط.حركة الشمس البطيئة نقلت عدواها إلى عقارب الساعة.تبا لهم بالكاد يتحركون.النحيف منهم يجر نفسه جرا على سطح الساعة رغم أن كل نقلة منه تساوي ثانية واحدة.الثاني الأغلظ قليلا ليس في عجلة من أمره وأكثر كسلا من سابقه.أما ذلك القصير السمين فهو قابع كالميت في مكانه دون حراك.أصابها بطء حركة العقارب بالضجر.إسترجعت المهام التي أنجزتها خلال اليوم وشعرت بمزيد من التعب كأنها تؤديها مرة أخرى.تجرعت ملل آخر ساعة في العمل دقيقة تلو الأخرى حتى آخر ثانية منها.
دقت ساعة المغادرة معلنة عن جولة جديدة من المعاناة.دخلت الجولة بلا عدة ولا عتاد فالجسد مرهق والعقل منهك.خرجت من مكتبها لتأخذ نصيبها من صفاء الجو وسطوع الشمس:حرارته .تكالب عليها في طريق عودتها للمنزل الحرارة والإزدحام.كانت الحرارة على أشدها ذلك اليوم .كانت الشمس تهزأ بمكيف هواء السيارة بتحدِ سافر.بطء سير المركبات في الشارع كان حليفا للحرارة ضد المكيف .سبب البطء جدير ببث الأسى في أكثر القلوب ثباتا.سائقين مستهترين,وشاحنات تسير بتثاقل وتحتل كل منها حارتين من الطريق.كانت الشاحنات تثير رعب باقي المركبات وتمنعها من التجاوز.
جلب خليط التعب, والحر, والجوع, خمول ونعاس.حاولت طرد النعاس بالحماس لما ينتظرها من غداء وراحة.تذكرت أن أمامها نصف ساعة أخرى من مشقة الطريق.فكرت بموظفين وموظفات إنتهوا من وجباتهم وربما نهضوا من قيلولة لذيذة قبل أن تصل هي إلى منزلها.تخيلت خدرهم بفعل كأس من اللبن يستدرج النوم بعد الغداء.
وصلت بيتها أخيرا.أنهت وضوئها وصلاتها.تناولت بعد ذلك غدائها.نظرت إلى ساعتها وأدركت أنه ليس بمقدورها إستراق دقائق تغفو خلالها فأمامها مسؤوليات الأسرة.مارست دورها كأم وربة أسرة.أنجزت أعمالهاالمنزلية حتى بلغ التعب مداه .فتراها متهالكة على سريرها في ساعات المساء الأولى.وتؤجل في تلك الأيام خططها العائلية ونزهات الترفيه إلى نهاية الأسبوع.مايبعث على الأسى والإحباط لها ولأسرتها عجزها عن تنفيذ تلك الخطط في عطلات نهاية الأسبوع كما وعدت.فهل يتمكن مَن إستنزفه التعب وإستهلكه الجهد طوال الأسبوع مِن الخوض ,مجددا,في الإزدحام المروري ؟وهل سيرى في إكتظاظ المجمعات التجارية ترفيها؟أم سيسعده خلو مواقفها من مكان شاغر لسيارتها؟
عاشت تكرار هذه الأحداث يوميا.أسبوعا تلو آخر. أسابيع مرت عليها دون تغير ملحوظ.شعرت أنها في دوامة تربك حياتها.أدركت أنها تدور في حلقة مفرغة لا فكاك منها.فكرت في الحلول والبدائل.ربما تستمتع بشيء من الراحة إذا ما إستأجرت سائقا يوفر عليها معاناة القيادة.وربما يكون الحل الأنجع الإستقالة من عملها.
ولا تزال تدور في تلك الحلقة .ولا تزال تفكر بالحلول.
*بعض تغريدات الزميله الزين أضفنا عليها شيء من البهارات وعجناهما بالخيال فتحولت إلى يومياتها.
بعد كل هذا ..يكون للراحه القيمه الاكبر ..و للوقت ثمن لا يبدل ابدا ..
يعجبني اكثر ان هناك من يسلط الضوء على القوارير العاملات و حقهم
شكرا تحلطم
من المؤكد زيادة التقدير للراحة والوقت لكن الثمن أراه غاليا.
الشكر لكم وتسليطي الضوء على القوارير العاملات أن إحداهن كسرت خاطري ومن شكواها إستلهمنا البوست وهي زميلتنا الزين.(شوفي تعليقها وردي عليه).
:)))
كل هذا من هذرتي على تويتر وتحلطمي
يابختي اذا صرت موضوع ممكن يكتب عنه تحلطم
عزيزي
لقد وصفت يومي كما هو
مشاعري
تعبي وانهاكي بآخر النهار
حتى وصفك لها وهي تقف امام الشباب ثم ترتمي على كرسيها متعبه
ما شاء الله عليك
مع انها تفاصيل ما ذكرتها بس انت شفتها باحساسك
تصدق .. ساعات احسد امهاتنا وجداتنا على بساطة حياتهم
على دورهم الجميل والمحصور في تربية الأبناء وادارة البيت
لبساطة التعليم المحصور بحفظ القرآن الكريم
لبساطة العيش والرضا والقناعة بالقليل
لصفاء النفوس والتعامل مع الآخر بحسن نية وحب
لتفاني الفرد في خدمة الكل وتفاني الكل في خدمة الفرد
هذاك الزمن كانت الحياة فيه تخلو من الرفاهية بس اجمل
هذا رايي
ولكل شيء طبعا ضريبة
وضريبة تحرر المرأة وتعليمها البوست اللي انت كتبته لووول
طبعا اكو وظائف بسيطه ومريحة وما تحمل نفس العناء
بس انا قدري وقدر الكثيرات اكيد
ان نعمل بقطاع خاص او مؤسسة حكومية الكرف فيها هو السائد
لا وتالي يقولون ما تستحقون كادر ولا زيادة
كلي امتنان لكرم حرفك
ووقتك الثمين
كلي امتنان لإستماعك لي في عصرية يوم مرهق
وكلي امتنان لأنك واسيتني حزتها لووول
..
أختي الزين
كانت تغريداتكم تنضح ألما ومعاناة ومن المعلومات القليلة فيها تخيلت باقي التفاصيل وبعضها مشترك كآخر ساعة في الدوام والتحلطم من الإزدحام والشوق لسفرة الغداء.
بساطة حياة السابقين شيء نفتقد الجمال والمتعة فيه ولا نفكر بقسوة ظروفهم وإفتقادهم لكمالياتنا وحياة الرفاهية التي نستمتع بها والبدائل المتاحة لنا والخيارات الواسعة أمامنا في مجالات عدة من وظائف وتعليم وترفيه وتوفر الإتصالات وغيرها.ومثل ماقلتي هذي ضريبة التغيير.وواضح أن الزين ومن كتاباتها وروايتها,تعشق القديم وتُشعر قرائها أنها ولدت في زمن مختلف ,زمن لاحق لزمنها الحقيقي ,شوقكم للكويت القديمة وحبكم للقديم وعشقكم للتراث لا يخفى على أحد من متابعيكم.
الشكر لكم على شكواكم التويترية التي أتاحت لنا رؤية جانب آخر من عمل المرأة ومعاناتها وأتاحت لنا مجالا للتفكير والتخيل والكتابة.
مواساتنا كانت فطرية وردة فعل طبيعية ,لان بسبب كلامكم مو بس إنكسر خاطري إلا تحول خاطري إلى أشلاء وشظايا.
حياكم الله, وشكرا على فكرة البوست ومحتواه.
فعلا لك طريقة رائعة ودقيقة في التعبير والوصف
وزيادة ان الموضوع يهمنا معشر العاملات
كسرت خاطر نفسي لوول
شكرا لطرحك الموضوع وشكرا للزين، عساكم عالقوة : )
شكرا على الإطراء والكلام الطيب والمشجع.
وأتمنى أن يكون الموضوع قد لامس معاناة المرأة العاملة.
فعلا المرأة العاملة الجادة والمسؤولة تكسر الخاطر أما ربع الطبيات والأذونات فعليهم بالعافيه بس لا يقولون عطونا كادر.
الشكر لكم على مروركم ومشاركتكم.
الله يقويج,وحياكم الله دائما تنورونا.