Articles

آخر الشهر

In قصص, حب وغرام on 04/05/2012 by t7l6m

بدأ أحمد يومه متبرما.
إستيقظ متأخرا .غسل وجهه ,إرتدى ملابسه ,و غادر المنزل مسرعا.وهو في طريقه إلى الوزارة لاحظ أنه لم يحلق ذقنه ,إمتعض. قيادته تعكس مدى عجلته.كان آخر يوم من الشهر وقد إستنفذ أذونات التأخير .وصوله متأخراً ,اليوم,إلى عمله يعني الخصم من راتبه وربما تلقّى تنبيها.
كانت عينه تتنقل بين الطريق وبين ساعة معصمه .زاده إزدحام السير سخطا.لم يكن هناك مجال للمراوغة فالطريق مزدحم للغاية.إنفرجت الأمور قليلا.تحركت السيارات.كانت هناك فرجة في الحارة اليسرى الأسرع إن إقتنصها سيتمكن من تجاوز الإشارة الضوئية الخضراء قبل أن تتحول إلى حمراء.قطع عليه الطريق شاب بسيارته.سار أمامه ببطء حتى أصبحت الإشارة الضوئية حمراء.حنق على الشاب لغباءه.أدرك أنه سيتأخر لا محالة.
أضاءت الإشارة لونها الأخضر ولم يتحرك الشاب بسيارته.كان مشغولا بهاتفه.أطلق أحمد بوق سيارته غاضبا.لوح الشاب بحركة من يده قبل أن يتحرك .إزداد غضبا على غضب وواتته فرصة للتنفيس .غير وجهته وتبع سيارة الشاب.توقفت المطاردة بعد بضع مئات من الأمتار .ركن الشاب سيارته أمام أحد المطاعم.خرج أحمد من سيارته ببنيته الهزيلة وذقنه النابتة .طرق نافذة السيارة الأخرى التي كان سائقها منهمكا بالعبث في هاتفه.إلتفت الشاب على أحمد .نظر إليه بإزدراء قبل أن يفتح زجاج النافذة.شده أحمد من ياقته وجذبه نحوه ملوحا بقبضة يده اليمنى.صاح به”تبيني أعطيك بوكس أطشّر مخك”.حاول الآخر أن يفتح باب سيارته فركله أحمد.تجمع عمال المطعم حول أحمد يهدؤون من ثورته.
أرخى قبضته فيما كان الشاب صامتا من المفاجأة.توجه أحمد نحو سيارته. بدأ الشاب بإطلاق عبارات التهديد وحاول أن يترجل من سيارته.كان له عمال المطعم بالمرصاد فأمسكوا الباب ومنعوه من الخروج مرددين عبارات التهدئة المعروفة في هذه الأحوال .إستغل الشاب هذه المناسبة فحافظ على شيء من ماء وجهه دون إن يدخل في مشاجرة غير معروفة النتائج.
غادر أحمد دون أن يلتفت على السيارة الأخرى.قاد سيارته متمهلا نحو مقر عمله .دخل مكتبه ترافقه آثار من الغضب والضيق.وقف على باب مكتبه رئيس القسم.إلتفت أحمد نحوه فبادره مسؤوله”خلصت معاملة المخازن”.أجابه أحمد بنبرة غاضبةمتحدية لا تقبل تأويل”لا ما خلصتها”.كاد أن يضيف”شعندك” لولا أن قاطعه المسؤول, الذي فاجأه الرد,قائلا” سوها على راحتك” وغادر.قال حمد بصوت مسموع”عبالي”.
جلب الفراش فنجان قهوته الصباحية.أشعل أول سيجارة له وباشر بسحب أنفاسها بالتناوب مع رشفات القهوة.حسّن الكافين والنيكوتين مزاجه قليلا.إستعاد أحداث الساعة الأخيرة وشعر بشيء من الندم.لام نفسه .غمرته رائحة أنثوية خلابة لم تخفي روعتها مخالطتها رائحة التبغ والبن.رفع راسه نحو مصدرها الذي يعرفه جيدا.”سلامات عسى ماشر” قالت بنبرة متعاطفة.لم يملك أمام تعاطف مجمع الجمال والرقة والأناقة معه إلا الإعتراف .سره أنها شعرت بغضبه ولاحظت ضيقه.
سرد لها تفاصيل ماحدث منذ أن إستيقظ متأخرا وحتى مغادرة رئيس القسم مكتبه.أنصتت له صامتة وتعابير وجهها تبوح برأيها فيما يقول.قطبت جبينها بسبب عبارة منه ,وإتسعت عيناها عجبا من أخرى ,وإبتسمت من موقفه مع رئيس القسم وختمتها بضحكة على كلمة “عبالي”.
صدمته حينما قالت وهي باسمة “كل هذا صار لك ! كنت أقصد عسى ما شر لحيتك طويله؟”. كادت مشاعره تتهاوى لولا أن قالت بغنج قبل أن تغادره “بس تدرى وأنت معصب شكلك يصير وايد جدي وواثق من نفسك .”.أطربته عبارتها فتبادلا الإبتسامات.قال في سره كما قال عبدالحسين عبدالرضا عن سعاد عبدالله في إحدى مسرحياته “يا زين هالفتاه زيناه”.بثت تلك الفتاة فيه السرور والحماس وأنسته أحداث الصباح.
إنهمك بعدها في إستكمال المعاملة التي سأل عنها المسؤول.أنجزها سريعا وذهب بها إلى رئيس القسم.دخل مكتبه شاعرا بشيء من الخجل.ناوله المعاملة فقال له المسؤول”الله يهداك بوشهيب أول يوم بالشهر ومتأخر”.سأله مستغربا “هالشهر مو 31 ؟”.أجابه مسؤوله ضاحكا”لا مو 31″ .
تصادفا في طريق عودته إلى مكتبه .
قال:تصدقين طلع اليوم أول يوم بالشهر .
أجابت:أدري بس مابغيت أقولك .
سألها مستنكرا:حرام عليج .يعني عاجبج أظل متوتر.
أجابت بدلال وهي عائدة إلى مكتبها:يمكن.

توقف برهة يتأملها ويفكر:صج ماعندي سالفه ,شلون أتأخر عن الدوام؟المفروض أموت عليه.

الإعلان

8 تعليقات to “آخر الشهر”

  1. أجمل ما فى المقال آخر سطر فيه ..
    فعلاً المقروض يموت فى الدوام هههه
    قرأت القصة و كنت متعاطف معه لأننى امر بلحظات تأخير وأجد من يتلكأ أمامى مثل ذلك الشاب
    ولكن المرأة فعلاً تضفى على المكان إحساس بالراحة و الجمال وتبدد لحظات الغصب بكم كلمة منها . فعلاً نساء ساحرات هههه
    بكل المعايير أقول لك تحلطم إنك رائع فى كتابة القصة القصيرة .. والأبداع يجيء فى نهاية حبكة القصة ..

    قرأت مقالك فى الصباح مع جريدتى و فنجان قهوة ساخن .. وسيجارة تبغ مثل سيجارة حمد .. ولكن لم تأتينى تلك المرأة بل كانت الخادمه هههههه

    شكراً لك عزيزى الغالى

    • القصه كلها في السطر الأخير
      وكنت أنوي أن أختمها بزواجهم ولكن تركت نهاية علاقتهما لخيال القاريء

      شكرا أخي قوس على إطراءك وكلماتك المشجعة
      مع تأكيدنا مجددا أننا نعجز عن مسايرتكم

      ومن المؤكد أن من جلب لك القهوة تسبقه رائحة ما.
      حياك الله قوسنا الغالي ولا تباعد.

  2. شكرا ً لل”استمتاع” 🙂
    فتش عن المرأة و خاصة بأول الشهر 😀

    • الشكر لكم على مروركم
      ولن أعلق على التفتيش خوفا من التفنيش
      والتفنيش بلهجتنا تعني الطرد من العمل وإنهاء الخدمه.

  3. ههههههههههههههههههه يا حلاته بوشهيب …

    و أنا أقرأ شدني كل حرف كتبته و حسيت بزحمة الصبح و السيايير و العيله علشان اوصل بسرعه و النجره وترتني …

    و العطر النسائي اضفى علي شعور غريب من الراحه و فكرت أترك المقال واروح اتعطر وارد …

    لكن ختامها آخر فقرات في البوست خلتني اضحك من كل قلبي …

    ربي يسعدك .. جد تحلطم تملك قلم من ذهب و فكر من الماس الله يبارك لك .. ماشاء الله تبارك الرحمن

    • شكرا يالجودي على ردة فعلكم على القصة.
      وشكرا على آخر سطر من تعليقكم ,عجزت عن إيجاد الكلمات المناسبة للرد عليه,وفعلا أتمنى أن يرى الجميع كتاباتي بعينكم .
      لا أملك أي إضافة سوي :شكرا مرة ثالثة.

  4. قصة رائعة جداً .. التفاصيل الصغيرة مميزة ودقيقة .. الحس الفكاهي الساخر اضفى عليها مزيد من الجمال. أعجبتني جداً .. وبالنسبة لي أقيس جمال القصة على مدى تأثري فيها وهو ما حدث بشكل كبير مع هذي القصة .. الف تحية 🙂

    • شكرا لمروركم ولمشاركتكم وإطرائكم.كلماتكم مشجعة جدا وحافز كبير لنا .تشريحكم للقصة إنما يعكس ذوقكم الرفيع ويحملنا مسؤوليات كبيرة بإحترام أذواقكم .
      نتمنى أن نكون عند حسن الجميع,وأن يرى كل من يقرأ القصة كما رايتموها.
      لكم الشكر الجزيل مجددا.
      وآمل أن أستفيد من رأيكم دائما.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

%d مدونون معجبون بهذه: