Articles

هذي آخرتها:الثالث.

In قصص, إشاعه on 19/04/2012 by t7l6m

إمتلأت الغرفة بالرجال.بعضهم في محيط بصره وشعر بالبعض الآخر خلفه.كان موقنا من صواب موقفه, مزهوا بكلمات المحقق لهم”العنف لن يغير من الأمر شيء”.قيدوا يداه إلى المقعد.لم يكن مستسلما فقد كان السلام يغزو كل خلية في جسده.بدأوا في إطلاق التهديد والوعيد,لم يستكين لها بل سادت السكينة في روحه .
تجسدت الكويت به وأصبح مستقبلها مرهون بصموده,هكذا آمن لحظتها.أيقن إنه إذا إستسلم لهم فإنه سيخون كل كويتي ملأ الساحات في السابق ويتجرع مرارة الحاضر .شعر بأنه الشعب, كل الشعب.هو كل القبائل وكل العوائل,هو بدوي وحضري,هو سني وشيعي في آن واحد.
بدأوا بدفعه وشده.جذبوا ذراعه ودفعوا رأسه بقوة.لطمه أحدهم على وجهه.توالت بعدها لطماته ولطمات آخرين لكنه لم يتراجع.صاح بهم المحقق “قلنا لا فائدة,دعوه وشأنه”.جاء صوت من خلفه يقول”قل إنك لن تتعرض للنواب وسينتهي كل شيء فورا”.توسل إليه المحقق ,وعيناه تفيضان بالدمع,أن ينطق تلك العبارة.رد عليه بثقة وهدوء”أنا حر فيما أقول”.

كرر تلك العبارة وكأنه يتعرف على شيء جديد.إكتشف وهو مقيد روعة الحرية وجمالها.كم إعتدنا عليها وألفناها حتى فقدت معناها وبريقها.إكتشف أنه عاش طوال حياته في كنفها فسرت في دمه وتغلغلت في وجدانه .إكتشف أن الحرية هي من شكّلت شخصيته وهي من توجه سلوكه.رآى الحرية روحا طاهرة.رآها طفلة تطلب حِماه,إمرأة تلوذ به,شعبا بأكمله يتحصن به.أقسم ألا يخذل أي منهم,وعاهدهم أن يصون شرفهم وكرامتهم.
أدرك معنى “حرية الرأي” وآمن أنها نعمة من الله ومنّة منه سبحانه أسبغها على أهل هذا البلد.حرّم على نفسه التخلي عن تلك النعمة مهما كان الثمن.ظن أنه إن فرط فيها أوتنازل عنها فستزول تلك النعمة عن وطنه.ستتوقف الرياح عن حمل نسيمها وستعجز ذرات الغبار عن نشرها وسيخلو الهواء من طعمها.
إستمر ضربه وتعذيبه وإستمر شامخا في صموده.إعترض المحقق ولما لم يؤخذ بكلامه خرج غاضبا.سمع من يقفون خلفه وهم يطلبون إطلاق سراحه.”أمهلونا ساعة”قال من لطمه وطلب منهم مغادرة الغرفة.أُقفل باب الغرفة عليه وعلى من تبقى منهم .واصلوا مهمتهم دون رحمة وبلا هوادة.
كان صمته عن الألم يغيضهم,وثباته يزيدهم وحشية.أصبحوا مسعورين.تجردوا من إنسانيتهم وتبرأوا من آدميتهم.صاحب ضربهم صراخ وإتهامات.إتهموه بخيانة الشعب وإختياراته,طعنوا بإنتماءه ومواطنته ووطنيته.كان رده يزيدهم سُعارًا.
كيف لا ؟وكلماته تفيض وطنية وتنضح بعشق الوطن فتعري مفهومهم الخاطيء للوطنية وتحطم قناعاتهم بقدواتهم.نسجت عباراته علم الوطن بكلمات غزلتها تضحيات كل كويتي منذ القدم .ردوده كانت إنشودة عاشق.كانت دروس تاريخ وحكايات تراث معشوقته.كانت قصائد تغزّل فيها بترابها ودماء الآباء والأجداد التي سالت فوقها وفي سبيلها.ردوده كانت لحن عذب لايعزفه إلا قلب غامر بحب حقيقي وصادق.ردوده كانت عبارات مقتضبة صادرة عن ذهن صاف وجسد هدّه التعذيب وأوهنه الأذى.
كانت الغرفة ساحة لحفل زار مجنون .مهووسون يلهثون حقدا وغضبا يركلون ويصفعون ويلكمون بكل ما أوتوا من قوة.وجسد يتلقى الأذى وطيف بسمة لاتغادر محياه .يسقط الكرسي الذي يحمل الجسد ويعيدونه كما كان ليواصلوا مقطوعتهم السادية.يتكرر صراخهم ويُلقي بين فينة وأخرى عبارة تزيدهم جنونا.كانت الروح تغادره وتحلق في أرجاء الغرفة فترى جسدا يشع نورا فتعود فيه.كانت السكينة والإيمان يغمرانه فرثى لحالهم.نزف أنفه . لم يضايقه الدم ولكن أزعجه أن رائحة نتنهم ستخالط آخر شهيق له من أنفاس محبوبته.عجز من في الخارج عن إيقافهم فتوقف عن طرق الباب.
كان لابد لهذه الوصلة من نهاية .صاحوا عليه فنطق عبارة ممزوجة بدمائه فإستشاط أحدهم غضبا.رفعه قابضا على رقبته وهو ملتصقا بكرسيه.لكمه.أطاحت به اللكمة فتهاوى.ضرب مؤخرة رأسه حافة الطاولة وسقط على الأرض.سالت دماءه,وضعفت أنفاسه,وإقتصرت حركته على رعشات لامعنى لها.
أفاقوا من سكرتهم وعاد إليهم بعض من رشدهم .فكوا قيوده وحملوه مسرعين خارج الغرفة.لم يردوا على صيحات من كان خارجها.وضعوه في إحدى السيارات.سارت السيارة في عتمة الليل يغلفها صمت ركابها.توقفوا عند إحدى المستشفيات ووضعوا جسده قرب بوابتها.
جاء نور الفجر خجولا متثاقلا .ألقى شعاعه على جسد توقفت أنفاسه و غادرته الروح .أشرقت الشمس على الكويت لتعلن عن بداية يوم جديد.وكانت الأيام التي تليه ليست كغيرها من أيام حبيبته.

يتبع,,,,,,,,,

الإعلان

4 تعليقات to “هذي آخرتها:الثالث.”

  1. في منتصف قراءتي كنت أقول هذا الجزء لطيف جدًا ومليء بالمشاعر الجميلة،
    ولكن غضبي ثار في النهاية وحنقت على هذه المجموعة الموجودة في قصتك وفي الواقع أيضا، أولئك الذين يفرضون رأيهم وتوجهاتهم على الجميع ومن خالفهم فالويل له و .. لا داعي للإكمال فكلنا يعرفهم ..
    ونبي نشوف آخرتها

    • أحمد الله على نجاحي بإثارة غضبك عليهم,وحنقك كذلك.
      وبإذن الله تشوفين آخرتها كما تتمنين في الأجزاء القادمة
      حياكم الله أختي,أسعدنا مروركم ومترقب ملاحظاتكم حول الأجزاء القادمة(إن شاء الله جزئين لا أكثر).

  2. قلت متابعه بس ما قدرت اتابع الحين ..

    مشاهد التعذيب أعادت لي ذكريات الغزو …

    اعتذر ..

    و شهادتي بكلامك واسلوبك في الطرح أكيد مجروحه

    موفق تحلطم

    • الله يوفقج ويوفق الجميع.
      زميلتنا العزيزة,تعليقكم أثار مشاعر متناقضة.حزن على تذكركم الغزو وإعتذاركم عن المتابعة و شيء من السرور بتأثير وصفي لقسوة المجرمين على مشاعر القراء.
      الجودي,بالنهاية هو نص ربما يعكس جزء من الواقع الحالي لكنه لن يتقيد به .ربما يكون الكابوس مقدمة لحلم جميل وتمهيد لبلوغ الآمال وتحقيق الأمنيات.
      وبإذن الله القادم أفضل.فلا تحرمونا من رايكم فيه ولا تستعجلوا المقاطعة.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

%d مدونون معجبون بهذه: