أيقظته الطرقات العنيفة على الباب والقرع المتواصل للجرس .نهض مسرعا نحو الباب مدفوعا بالقلق من تلك الطرقات في تلك الساعة المتأخرة من الليل.وجد عند الباب رجال ثلاثة بلباس مدني أبرز كل منهم هويته في وجهه .كانت الإضاءة غير كافية كما لم يسعفه الوقت أو الموقف لقراءة بيانات الهويات لكنه لمح الصورة التي تحملها كل منها فكانت لرجل يرتدي زيا عسكريا.إقتادوه نحو سيارتهم بملابس نومه .لم يستيجيبوا لطلبه بإستبدال بيجامته بدشداشة. لم يصر على طلبه ولم يجادلهم.كان الموقف صدمة أربكته ومفاجأة لم يحسب حسابها.كان أكبر من أي تجربة خاضها في حياته فإستسلم لهم.جلس على المقعد الخلفي متوسطا إثنان منهما فيما قاد الثالث المركبة مسرعا خارج المنطقة.
لم يفلح إلحاحه عليهم بالأسئلة بالحصول على أي إجابة تزيل مخاوفه أو تقلل من قلقه.كانت الإجابة الوحيدة التي تكررت: ستعرف كل شيء في المركز الأمني.إستغرب من عبارة (المركز الأمني) فهو وصف لم تألفه أذناه .لم يكن ليقلق كثيرا لو ذهبوا به إالى “المخفر”. وبعد فترة من المسير كان يتمنى لو كانوا سيأخذونه إلى “المباحث” أوحتى “أمن الدولة” .إلا أنه وبعد أن أوغلت السيارة في الخط السريع وبعد أن دسا جارا المقعد رأسه في كيس قماشي قاتم اللون أيقن أن الموضوع غير طبيعي وكذلك سبب إعتقاله . لم يقاومهما حينما وضعا رأسه في الكيس بسبب العبارة التي قالها أحدهم بنبرة ودية”سامحنا ,هذي إجراءات أمنية”.
تصاعد خوفه بمرور الثواني وتعاقب دورات عجلات السيارة.تنازعته رغبتان :رغبة بالتعبير عن هلعه بنزع الكيس ومقاومة معتقليه ورغبة بالحفاظ على رباطة جأشه والإستسلام لهم.صرخ فيهم “ليش ماسكيني ووين موديني؟”.أجابه السائق مطمئنا “ليش خايف ؟إذا مو مسوي شي غلط ترجع بيتكم بعد ساعه بالكثير.” .بعد أن يأس من الحصول على إجابة تشفي فضوله إستسلم للتفكير.بدأ يسترجع بذاكرته مافعله خلال الفترة الماضية فربما يجد سبب إعتقاله.لم تكن أيامه السابقة مختلفة عن سواها.الوزارة صباحا والديوانية مساءً.مناقشات الديوانية وحواراتها ككل يوم مدح لمن يستحق المدح وإنتقاد لمن يستحقه.بدأ يفكر بجريمة أخرى قد يكون إرتكبها خلاف “الكلام في السياسة” .لم يكن قط الحديث عن أخطاء الحكومة وفضائحها تهمة ولم يكن إنتقادها جريمة جزاؤها الإعتقال و أوضح دليل ماينشر في صحفنا ,و تجمعات الناس ومايقال فيها أسطع برهان .
لم أدهس أحد,لم أشتم أحد,لم أعاكس أنثى,لا أتعاطى الخمور أو المخدرات,لم أستدين من أحد,ليس بيني وبين أحد عداوة ,كان هذا مايدور في ذهنه حينما خففت السيارة من سرعتها .شعر بعدها بأنها تسير على طريق رملي غير ممهد.بعد برهة توقفت .سمع صرير بوابة حديدية وصوت أحدهم يقول”وصلنا” .تحركت بعدها السيارة أمتارا قليلة قبل أن تتوقف وتُفتح أبوابها.
جذبته يد خارج السيارة ومالبث أن أمسك بكتفيه كفان قويان.تم إقتياده والكيس القماشي لا يزال على راسه وهو يتعثر في مشيته موشكا على الإنهيار . دخل مبنى ومشى بخط مستقيم قبل أن تديره الكفان يمينا وتعبر به بابا ضيقا.في الغرفة الصغيرة نزعوا الكيس عن رأسه وأُقعد على كرسي أمامه مائدة مستطيلة سطحها جرد .صُفت في مواجهته مجموعة من الكراسي خلفها مباشرة حائط أصم.
جلب أحدهم مصباحا كهربائيا ووضعه على المنضدة .أضاءه ووجهه نحو وجهه .غمره الضوء الباهر.أُطفأت مصابيح الغرفة بإستثناء الموجه إليه.شعر بدخول بضعة أشخاص ترآت أشباحهم في مواجهته.لم يحاول رفع رأسه بعدها فقد كانت الإضاءة الشديدة تؤذيه.سمع أحد الداخلين مستنكرا بسخرية واضحة “هذا راعي المشاكل”.كانت نبرة المتحدث مالوفة بعض الشيء.تردد في تصديق نفسه أنه العضو المشاغب صاحب الحنجرة القوية والتصريحات النارية.
بعدها بدأ التحقيق.
يتبع,,,
قصه تحبس الأنفاس … و توتر …
توقعت نهايته دعابه …
بس بصوت العضو المشاغب .. شاغب تفكيري ..
ولخبط الأوراق …
بانتظار التكملة …
عساك على القوة ..
حيالله الجودي
أتمنى أن تكون القصة قد حبست أنفاس كل من قرأها ووترته
توقعكم الظاهر مبني على قصصنا السابقه لكن هالمره القصه مختلفه شوي
التكملة بإذن الله لن تتاخر
الله يقويج أختي نورتينا وأسعدتنا مشاركتكم