Articles

العاصفة والشاطيء – 8

In قصص, حب وغرام on 03/04/2011 by t7l6m

نظر حمد إلى ساعته “قول نص ساعه حمام وعطها ربع ساعه تختار الهدوم وفوقهم ربع ساعه تبدّل “.إتصل حمد بعد ساعة تمدّدت بفعل الشوق لرؤية مي فكانت بالنسبة إليه أضعاف حقيقتها.كانت مي قد فرغت للتو من إستعدادها ،أجابت على الإتصال فجاء صوت حمد يحمل دعوة للإستعجال : مي إن شالله جاهزه؟
ردت مي بعد أن حدثتها نفسها بإختبار شدة شوقه: يبيلي شوي؟
جلست تنتظر، رن الهاتف بعد عشر دقائق:خلصتي مي؟
كانت ترغب بمعرفة كم من الوقت سينتظر حمد حتى يتصل مرة أخري لكنها رأَفَت بحاله كما أن شوقها لرؤيته ربما لايقل عن شوقه إن لم يفوقه.أجابت وهي تنهض من المقعد:كاني طلعت.
خرجت من غرفتها فإذا بحمد في الممر متجها نحوها بوجه من رآى عزيز بعد غياب طويل:صبحج الله بالخير.
ردت بخجل :صباح النور.
مشا متجوران والصمت ثالثهما.كان سبب صمتها الخجل فلم يسبق لها ان قبلت دعوة رجل للخروج.أما حمد فكان التوتر رفيقه فلم يسبق أن مر بمثل هذا الموقف رغم تاريخه النسوي فالإختلاف جوهري .لايستوي الجسد مع الروح,ولا الشهوة مع المشاعر ,ولا يستوى العابر والدائم .غيرها من النساء وسيلة ومي غاية بذاتها.
توجها إلى المطعم القريب وإقتصرت أحاديثهم ,خلال الطريق,على جوّ القاهرة وضوضاءها التي لا تتوقف.دخلا المطعم فإستقرا حول مائده في إحدى زواياه.جلسا متقابلين .جاء النادل بقائمتي طعام.سألها “شنو نطلب؟”,أجابته بأنه صاحب الدعوة .إستدعى النادل بعد أن تشاور معها .أخبر النادل بالطلبات.
لم يغادر النادل و وقف يستعرض لمي أطباق أخرى تتوافر لدي المطعم.
رد حمد بحزم وجدية واضحة:إذا إحتجنا شي ثاني نندهلك.شكرا.
مي,مستغربة موقفه:شفيك طردته.
حمد,وآثار من الجدية تكسو وجهه:خليه يولي جليل الحيا,الطلب وخذاه شكو “مدام عندنا,وموجود كمان,وحضرتك لو عاوزه”. شنو يتلزق!
خفضت مي رأسها وبدأت أناملها تداعب بعضها ومسحة إبتسامة تغالبها,.همست لنفسها “أهذه (الغيرة)? يالشاعريتها .كيف لا تُعجِب بعض النساء,جهل,وجحود.من يرفض شعور بالأمان وسياج من الحماية وإعتراف بعلّو المكانة وإرتفاع الَقدْر.أراه إقرار بأنك لي ولست لأحد سواي.”
باغتها حمد:شفيج؟
رفعت رأسها وأمالته برفق وقد إتسعت إبتسامتها:سلامتك.
حمد,وقد عادت له إبتسامته:الله يسلمج.(كلّش مو وقته تقول عني دفش وعصبي .بط جبدي الجرسون)

جاء نادل آخر بالأطباق وبدأ بصّفها على المائدة,فيما تبادل حمد ومي الإبتسامات.
حمد: مو وقته خوّفنا رفيجه.
مي تهز رأسها مؤيدة:أعتقد حاشته سكته قلبيه.
حمد ضاحكاً :حرام عليج ,ماقلت شي بس صوتي شوي خشن.
إكتفت مي بإبتسامة ولسان حالها يقول “حلاة صوت الريال جذي.”وربما قالت”يا حلاة هالصوت ويا حلاة راعيه”.
خففت العبارات الأخيرة من خجل مي وأزالت توتر حمد.وزاد مي إرتياحا ما قام به حمد وتبريره لذلك.بدأ حمد بتناول أواني الطعام ,آنية تلوى الآخرى ,ووضع بعض محتوياتها في طبق مي .
مي :حمد لا تعّب نفسك آنا أحط حق نفسي.
حمد:إنتي لا تسوين شي بس إستمتعي بالأكل .مو آنا راعي العزيمه .
راقت العبارة كثيرا لمي فإستسلمت له وهو يضع كميات من الطعام تزيد عن حاجتها.بدأت بتناول طعامها ببطئها المعتاد يغمرها شعور لذيذ بأهميتها لدى حمد وإرتياح لإهتمامه الواضح بها.خاطبها في تلك اللحظة عقلها محذرا من الأسترسال بتلك المشاعر التي قد لا تدوم وحينها ستتحطم روحك.تغلّب قلبها على خطاب عقلها “هي أيام قليلة عيشيها كما تكون.ولن يكون إلا ماهو مُقّدر لك”إنساقت لمشاعرها دون عقلها لأول مرة في حياتها.
تناولا الطعام وألحقاه بناءاّ على إقتراح حمد بقهوة “بيضاء” وبعد فترة شربا شاي.تحدثا خلال وليمتهما الممتدة عن السفر فتحدث هو عن لبنان فيما قارنت معلوماته بمصر.تشجّع حمد بعدما إمتد الحديث فقال:
“صراحه ما أدل شي بهالديره. ييتها مره وحده وما أذكر منها إلا الأهرام ودّي أشوفها عدل. عاد إنتي خبيره وياريت تساعديني بهالموضوع,إللي جدامج غشيم.”
مي :لا محشوم.
حمد: منو الغشيم؟
مي ,ضاحكة:لا ,الله يسامحك,إنت إللي محشوم.شوف وين ودّك تروح وأنا حاضره.
حمد,وقد إزداد طمعه بالبقاء معها طوال أيامه في القاهره:إنتي سوي لنا جدول يومي.أبيج تراويني كل مصر.(ولسان حاله يقول ما ودي أفارق هالويه الحلو دقيقه).
خرجا من المطعم وكانت شمس خريف القاهرة لاتزال تلقي بحرارة أشعتها على المدينة في ظهيرة ذلك اليوم.
قال حمد:وين نروح الحين؟
مي:روح ريّح الحين ونخلي طلعتنا عقب المغرب.
أذعن حمد دون مقاومة .فلم يشأ أن يثقل عليها بعد قبولها طلبه -حلمه الذي تحقق دون عناء.
ذهبا مساءا إلى مركز المدينة والتي يحلو للمصريين تسميته وسط البلد.كان لا يكترث بما يرى من مباني ومعالم ,حرصت مي على الإشارة إليها وإعطاءه معلومات حولها,فقد إستولى على عقله وعينيه مرافقته الجميلة.كانت عيناه تتجاهل معروضات المعارض والمحلات بإستثناء محلات ملابس الأطفال.لاحظت مي كيف كان حمد يلتفت على (فاترينات) محلات الأطفال ,وكيف يُبطيء حينما يسيرون بجوار أحدها.رّق قلبها له سألته كم تبلغ إبنتك من العمر أجاب متنهدا “سنتين إلّا”.إستمرا بمسيرهما وبعد فترة طلبت منه الإنتظار في الخارج ودخلت أحد المحلات الفاخرة وخرجت بعد دقائق حاملة كيسا صغيرا.
جابا أرجاء مركز المدينة وأرته العديد من معالمها إلا أن أكثر ماشدّ إنتباهه منها وأثار إستغرابه كان المعبد اليهودي وعمارة يعقوبيان فتساءل “مالت علاء أسواني ؟”قالت مي بلهجة مصرية ,أطربته:هي زات نفسها.
وبعد تسكّع طال في شوارع القاهرة قالت له مي :شرايك؟عازمتك على وجبة حضارية.
رد حمد دون تردد بالموافقة.ذهبا إلى مطعم يقدّم تشكيلة واسعة من أطباق الفول والفلافل لم يتوقعها.
جلسا يتحاوران فتبادلا الأحاديث ,بجرعات تفوق تناول المريض للدواء.تحدثا قبل الأكل وأثناء الأكل وتواصل حديثهما بعده .كان محور الحديث الدراسة والعمل.كان حمد في غاية السرور وهو يستمع الى مي تتحدث عن صعوبة دراسة القانون في ظل ظروف مرض والدها .قالت دون شكوي أن المرحوم والدها لم يشجعها على العمل بعد التخرج قائلا :”شلج بالشغل ؟ تبين فلوس أنا أعطيج.الحمدلله خذيتي الشهاده والحين إستانسي”.

قبل أن يغادرا المطعم ناولته الكيس .أخرج ما بداخله فأنعقد لسانه.نظر إليها نظرة حب صاف وإمتنان شديد فاقت قدرة مي على مواجهتها فتحاشت تلك النظرة الحانية وآثرت النظر إلى سطح المائدة.

يتبع,,,,,,,,,,,,,

12 تعليق to “العاصفة والشاطيء – 8”

  1. قلت ماني معلق حتى نهاية القصة ، اسمح لي ارد بكلامي ، و الله انها رائعة و انت كذلك.

    حتى هذه يبيلها نشر مع القطوة.

    • إحنا من أول نبيك ترد بكلامك
      الرائع أنت وتعليقك وذوقك
      وهذي شكلها فلم مو روايه
      لأن في القادم من الأجزاء بإذن الله راح نشعلل الرومانسية أكثر
      إن شالله ننجح بما نخطط له

  2. عجيبه .. وايد حبيتها واسلوب السرد بسيط ومحبب ..

    اتوقع شرت شي لبنته؟ 🙂

    ناطره التكملة .. يعطيك العافية

    • شكرا على الكلام المشجع
      والله يعافيج
      والحمدلله عجبتكم القصه
      ما أدري شنو شرت
      الجزء القادم يبيّن
      وبأذن الله لن يطول الإنتظار

  3. من زمان معجبين بالأسلوب….
    وبصراحه عندك حس شاعري ورومانسي

    كمل كمل
    وقواك الله…

    • شكرا للكلام الطيب ولا آنا لا شاعري ولا أعرف شنو معني الرومانسيه
      حطينا هالمدونه وكل يوم نطلع بسالفه
      وصراحه قاعد أجرب علي حسابكم وأتعلم من تعليقاتكم
      وبإذن الله الأجزاء الثلاثة القادمه تنال إستحسانكم

  4. وصفك لحركاتهم اللاإراديه و مشاعرهم و أصوات محادثتهم لأنفسهم
    وصف جميل و رشيق جدا جدا وايد حبيته

    ممكن طلب

    لا اتخلص القصه بصراحه حبيتها اسلوبكك وايد تبارك الرحمن حلو و شيق

    و الأحداث معاك تمشي بوتيرة حلوة تتناسب مع العصر الحالي و القارئ الحالي

    شكرا لك

    ربي يوفقك

    • أولا شكرا على المرور والتعليق
      ما تتصورين شكثر الطلب صعب . ودي أفتك منها وأطلع من جو القصه
      طول الوقت أفكر شلون المواقف تركب مع بعض
      أكتب هالجمله,لا الجمله هذي أنسب
      هالموقف منطقي ولا مايركب
      لي درجة إستعنت بأكثر من صديق
      لكن إعتذارنا لعجزنا عن تلبية الطلب أن تعجبكم بإذن الله الأجزاء الثلاثة القادمه
      وإذا الله قدرنا إن شالله نكتب قصة ثانيه
      حياج الله أختي أسعدنا مروركم وتعليقكم

  5. مع فنجان من القهوة العربيه
    وصحن يحتوي التمر الصقعي
    وموسيقى تحمل من الشجن التركي ما يجعلك تتنهد
    كان صباحي هنا اليوم
    محملا بالكثير من الإبتسامات

    عيشتني الجو يا تحلطم يغربل ابليسك
    حسيت اني وياهم
    🙂
    حس الرومانسيه عندك عجييب وحيل واقعي
    وايد حابه القصه

    يالله عاد كمل

    • شكرا يالزين على الكلام الزين
      أسعدني كلامكم الطيب عن قصتنا
      وإن شالله الأجزاء القليلة الباقية تعجبكم
      شكرا لمروركم
      والتكملة لن تطول وبإذن الله الأجزاء القادمة تتوالى يوميا
      حياكم الله

  6. ماشاءالله إلى جانب خفة الدم قدرة على تصوير المشاعر بدقة
    مستمتعين بالأحداث والأسلوب
    لا يوقّف 🙂

أضف تعليق